في ذلك الحين ووصلت من موسى إلى هارون والعازار ويوشع ، ومنهم إلى الأنبياء الآخرين ، ومن هؤلاء الأنبياء إلى المشايخ الآخرين. وهكذا وصلت من جيل إلى جيل ، إلى أن وصلت إلى شمعون. وهذا شمعون هو شمعون الذي أخذ ربنا المنجي على يديه ، ووصلت منه إلى كملئيل ، ومنه إلى يهودا حق دوش أي المقدس ، وهو جمعها في آخر القرن الثاني بمشقة في أربعين سنة في كتاب ، وهذا الكتاب من هذا الوقت بطنا بعد بطن مستعمل في اليهود. وكثيرا ما يكون عزة هذا الكتاب زائدا على القانون المكتوب». انتهى. ثم قال : «على مسنا شرحان يسمى كل منهما كمرا. أحدهما كمرا أورشليم الذي كتب في أورشليم على رأي بعض المحققين في القرن الثالث وعلى رأي فادرمون في القرن الخامس ، والثاني كمرا بابل الذي كتب في القرن السادس في بابل. وكمرا هذا مملوء بالحكايات الواهية. لكنه عند اليهود معتبر عظيم. ودرسه وتدريسه رائجان فيهم ، ويرجعون إليه في كل مشكل مذعنين بأنه مرشد لهم. ويقال كمرا لأن معنى كمرا الكمال. وظنهم أن هذا الشرح كمال التوراة ، ولا يمكن أن يكون شرح أفضل منه ، ولا حاجة إلى شرح آخر. وإذا انضم بالمتن كمرا أورشليم يقال للمجموع طالموت أورشليم ، وإذا انضم به كمرا بابل يقال للمجموع طالموت بابل». انتهى.
فظهر من تحرير هذين المفسرين أربعة أشياء : الأول : ان اليهود يعتبرون الرواية اللسانية كالتوراة ، بل كثيرا ما يعظمونها تعظيما زائدا عليه ، ويفهمون أنها بمنزلة الروح والتوراة بمنزلة الجسد. وإذا كان حال التوراة هكذا فكيف حال الكتب الأخر؟ والثاني : إن هذه الروايات جمعها يهودا حق دوش في آخر القرن الثاني ، وكانت محفوظة بالحفظ اللساني إلى ألف وسبعمائة سنة. ووقع على اليهود في أثناء هذه المدة آفات عظيمة ودواهي جسيمة مثل حادثة بختنصر وانيتوكس وطيطوس وغيرها ، بحيث انقطع التواتر في هذه الحوادث وضاعت الكتب ، كما عرفت في الباب الثاني ، ومع ذلك عندهم اعتبارها أزيد من التوراة. الثالث : ان هذه الروايات في أكثر الطبقات مروية برواية واحد واحد مثل كملئيل الأول والثاني ، وشمعون الثاني والثالث ، وهؤلاء ما كانوا من الأنبياء عند اليهود ، وكانوا عند المسيحيين من أشدّ الكفار المنكرين للمسيح ، ومع ذلك هذه الروايات عند اليهود مبنى الإيمان وأصل العقائد ، وعندنا الحديث الصحيح المروي برواية الآحاد لا يكون مبنى العقائد. والرابع : ان كمرا بابل لما كتب في القرن السادس فحكاياته الواهية ، على قول هارون ، كانت محفوظة بالرواية اللسانية فقط إلى مدة هي أزيد من ألفين.
فإذا عرفت حال اليهود باعتراف محققي فرقة پروتستنت ، فاعلم الآن حال جمهور القدماء المسيحية. قال يوسي بيس الذي تاريخه معتبر عند علماء كاتلك وپروتستنت في الباب التاسع من الكتاب الثاني من تاريخه المطبوع سنة ١٨٤٨ في الصفحة ٨٧ في بيان حال