الفصل الرابع
في دفع شبهات القسيسين الواردة على الأحاديث
وهي خمس شبهات :
الشّبهة الأولى : إن رواة الحديث أزواج محمد صلىاللهعليهوسلم وأقرباؤه وأصحابه ، ولا اعتبار لشهادتهم في حقه.
والجواب : إن هذه الشّبهة ترد عليهم بأدنى تغيّر ، بأن يقال أن رواة الحالات المسيحية وأقواله المندرجة في هذه الأناجيل أم عيسى عليهماالسلام وأبوه الجعلي يوسف النجاري وتلاميذه ، ولا اعتبار لشهادتهم في حقه. وإن قالوا أنه يحتمل أن إيمان أقارب محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كان لأجل الرئاسة الدنيوية ، قلت إن هذا الاحتمال ساقط لأنه صلىاللهعليهوسلم ، إلى ثلاث عشرة سنة ، كان في غاية الألم من إيذاء الكفار ، وأصحابه رضي الله عنهم كانوا أيضا مبتلين بغاية إيذائهم إلى المدة المذكورة حتى تركوا الأوطان وهاجروا إلى الحبشة والمدينة. ولا يتصوّر أن يتخيّل أحد منهم إلى هذه المدة طمع الدنيا. على أن هذا الاحتمال قائم في الحواريين أيضا ، لأنهم كانوا مساكين صيادين ، وكانوا سمعوا من اليهود أن المسيح يكون سلطانا عظيم الشأن ، فلما ادّعى عيسى ابن مريم عليهماالسلام أنه هو المسيح الموعود آمنوا به وفهموا أن يحصل لهم باتباعه المناصب الجليلة وينجون عن مشقة الشبكة والاصطياد. ولما وعدهم عيسى عليهالسلام «بأني إذا جلست على السرير تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر سريرا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر» ، كما هو مصرّح في الباب التاسع عشر من إنجيل متّى ، وكذا وعدهم «إن من ترك لأجلي ولأجل الإنجيل شيئا يجد مائة ضعف الآن في هذا الزمان ويجد الحياة الأبدية في الدهر الآتي» ، كما هو مصرّح به في الباب العاشر من إنجيل مرقس ، وكذا وعد بأشياء أخر ، فتيقنوا أنهم يصيرون سلاطين يحكم كل منهم على سبط من أسباط إسرائيل ،