فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي ، فانطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : انقادي علي بإذن الله. فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده. وذكر جابر أنه فعل بالأخرى كذلك ، حتى إذا كان المنصف بينهما قال : التئما علي بإذن الله. فالتأمتا. فجلس خلفهما ، فخرجت أخضر ، وجلست أحدث نفسي ، فالتفت ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقبلا والشجرتان قد افترقتا ، فقامت كل واحدة منهما على ساق.
٢٣ ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال لأعرابي أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله؟ قال نعم. فدعاه فجعل ينقذ حتى أتاه. فقال ارجع فعاد إلى مكانه.
٢٤ ـ عن جابر رضي الله عنه ، كان المسجد مسقوفا على جذوع نخل ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فلما صنع له المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار ، وفي رواية أنس ، حتى ارتجّ المسجد لخواره ، وفي رواية سهل ، وكثر بكاء الناس لما رأوا به ، وفي رواية المطلب حتى تصدع وانشق ، حتى جاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم فوضع يده عليه فسكت. والخبر بأنين الجذع وحنينه ، باعتبار مبناه ، مشهور عند السلف والخلف. وباعتبار معناه متواتر يفيد العلم القطعي. رواه من الصحابة بضعة عشر منهم أبيّ بن كعب وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وسهل بن سعد الساعدي وأبو سعيد الخدري وبريدة وأم سلمة والمطلب بن أبي وداعة رضي الله عنهم ، كلهم يحدثون بمعنى هذا الحديث ، وان كانت ألفاظهم مختلفة في باب التحديث ، فلا شك في حصول التواتر المعنوي.
٢٥ ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم مثبتة الأرجل بالرصاص في الحجارة. فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسجد عام الفتح جعل يشير بقضيب في يده إليها ولا يمسّها ، ويقول جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا. فما أشار إلى وجه صنم إلا وقع لقفاه ، ولا لقفاه إلا وقع لوجهه ، حتى ما بقي منها صنم.
٢٦ ـ دعا النبيّ صلىاللهعليهوسلم رجلا إلى الإسلام ، فقال لا أؤمن بك حتى تحيي لي ابنتي. فقال صلىاللهعليهوسلم أرني قبرها. فأراه إياه. فقال صلىاللهعليهوسلم يا فلانة. قالت لبيك وسعديك. فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم أتحبين أن ترجعي إلى الدنيا؟ فقالت لا ، والله يا رسول الله ، إني وجدت الله خيرا لي من أبوي ، ووجدت الآخرة خيرا من الدنيا.
٢٧ ـ ذبح جابر رضي الله عنه شاة وطبخها وثرد في جفنة وأتى بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأكل القوم ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لهم كلوا ولا تكسروا عظما. ثم انه صلىاللهعليهوسلم جمع العظام ووضع يده عليها ، ثم تكلم بكلام ، فإذا الشاة قامت تنفض ذنبها.