إلى بابل وكانوا في الجلاء ثلاثا وستين سنة لا سبعين ، كما يقول بعض علماء پروتستنت تغليطا للعوام. وقد عرفت في الفصل الثالث من الباب الأول ، ثم وقع عليهم في عهد انتيوكس ما وقع ، فإنه عزل أونياس حبر اليهود وباع منصبه لأخيه ياسون بثلاثمائة وستين وزنة ذهب يقدمها له خراجا كل سنة ، ثم عزله وباع ذلك لأخيه مينالاوس بستمائة وستين وزنة ، ثم شاع خبر موته ، فطلب ياسون أن يسترد لنفسه الكهنوت ودخل أورشليم بألوف من الجنود فقتل كل من كان يظنه عدوّا له. وهذا الخبر كان كاذبا فهجم انتيوكس على أورشليم وامتلكها ثانية في سنة ١٧٠ قبل ميلاد المسيح ، وقتل من أهلها أربعين ألفا وباع مثل ذلك عبيدا. وفي الفصل العشرين من الجزء الثاني من مرشد الطالبين في بيان الجدول التاريخي في الصفحة ٤٨١ من النسخة المطبوعة سنة ١٨٥٢ من الميلاد «أنه نهب أورشليم وقتل ثمانين ألفا». انتهى وسلب ما كان في الهيكل من الأمتعة النفيسة التي كانت قيمتها ثمانمائة وزنة ذهب ، وقرّب خنزيرة وقودا على المذبح للإهانة ، ثم رجع إلى أنطاكية ، وأقام فيلبس أحد الأراذل حاكما على اليهودية. وفي رحلته الرابعة إلى مصر أرسل أبولوينوس بعشرين ألفا من جنوده وأمرهم أن يخربوا أورشليم ويقتلوا كل من بها من الرجال ويسبوا النساء والصبيان فانطلقوا إلى هناك ، وبينما كان الناس في المدينة مجتمعين للصلاة يوم السبت هجموا عليهم على غفلة فقتلوا الكل إلا من أفلت إلى الجبال واختفى في المغاير ، ونهبوا أموال المدينة وأحرقوها وهدموا أسوارها وأخربوا منازلها ، ثم ابتنوا لهم من بسائط ذلك الهدم قلعة حصينة على جبل أكرا. وكانت العساكر تشرف منها على جميع نواحي الهيكل ، ومن دنا منه يقتلونه. ثم أرسل انتيوكس اثانيوس ليعلّم اليهود طقوس عبادة الأصنام اليونانية ويقتل كل من لا يمتثل ذلك الأمر. فجاء أثانيوس إلى أورشليم وساعده على ذلك بعض اليهود الكافرين ، وأبطل الذبيحة اليومية ونسخ كل طاعة للدين اليهودي عموما وخصوصا ، وأحرق كل ما وجده من نسخ كتب العهد العتيق بالفحص التام ، وكرس الهيكل للمشتري ونصب صورة ذلك على مذبح اليهود ، وأهلك كل من وجده مخالف أمر انتيوكس. ونجا متاثياس الكاهن مع أبنائه الخمسة في هذه الداهية وفروا إلى وطنهم مودين في سبط دان ، فانتقم من هؤلاء الكفار انتقاما ما قدروا عليه على استطاعته ، كما هو مصرّح به في التواريخ. فكيف يصدق هذا الخبر على عيسى عليهالسلام؟ وإن قالوا ان المراد ببقاء السلطنة والحكومة امتياز القوم ، كما يقول بعضهم الآن ، قلنا هذا الأمر كان باقيا إلى ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا في أقطار العرب ذوي حصون وأملاك غير مطيعين لأحد مثل يهود خيبر وغيرهم ، كما يشهد به التواريخ ، وبعد ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم ضربت عليهم الذلة والمسكنة وصاروا في كل إقليم مطيعين للغير. فالأليق أن يكون المراد بشيلوه النبيّ صلىاللهعليهوسلم لا مسيح اليهود ولا عيسى عليهالسلام.