الأقاليم الأخر فمن بعضها انمحى أثره مطلقا كبخارى وكابل وغيرهما ، ومن بعضها قلّ كالهند والسند وغيرهما ، وانتشر التوحيد شرقا وغربا.
البشارة التاسعة : في الباب الرابع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا : «١ سبحي أيتها العاقر التي لست تلدين ، انشدي بالحمد ، وهللي التي لم تلدي من أجل أن الكثيرين من بني الوحشة أفضل من بني ذات رجل ، يقول الرب ٢ أوسعي موضع خيمتك وسرادق مضاربك ، ابسطي لا تشفقي طول حبالك ، ثبتي أوتادك ٣ لأنك تنفذين يمنة ويسرة ، وزرعك يرث الأمم ويعمر المدن المخربة ٤ لا تخافي لأنك لا تخزين ولا تخجلين ، فإنك لا تستحيين من أجل أنك خزي صبائك تنسين ، وعار ترمّلك لا تذكرين أيضا ٥ فإنه يتولى عليك الذي صنعك رب الجنود اسمه ، وفاديك قدوس إسرائيل إله جميع الأرض يدعى ٦ إنما الرب دعاك مثل الامرأة المطلقة والحزينة الروح وزوجة منذ الصبا مرذولة ، قال إلهك ٧ لساعة في قليل تركتك ، وبرحمات عظيمة أجمعك ٨ في ساعة الغضب أخفيت قليلا وجهي عنك ، وبالرحمة الأبدية رحمتك ، قال فاديك الرب ٩ مثلما في أيام نوح لي هذا الذي حلفت له أن لا أصب مياه نوح على الأرض هكذا حلفت أن لا أغضب عليك وأن لا أوبخك ١٠ فإن الجبال ترتجف ، والتلال تزلزل ، ورحمتي لا تزول عنك ، وعهد سلامي لا يتحرك ، قال رحيمك الرب ١١ فقيرة مستأصلة بعاصف بلا تعزية ، ها أنا ذا أبلط بالرتبة حجارتك وأوئسك بالسفير ١٢ وأجعل يسبأ محاضك ، وأبوابك حجارة منقوشة وجمع حدودك لأحجار مشتهية ١٣ جميع بنيك متعلمين من الرب ، وكثرة السلام لبنيك ١٤ وبالبر تؤسسين فابتعدي في الظلم لأنك لا تخافين ، ومن الهيبة لأنها لا تقرب منك ١٥ ها يأتي الجار الذي لم يكن معي والذي قد كان قريبا يقترب إليك ١٦ ها أنا ذا خلقت صائغا الذي ينفخ في النار جمرا ويخرج إناء لعمله ، وأنا خلقت قتولا للإهلاك ١٧ كل إناء مجبول ضدك لا ينجح ، وكل لسان يخالفك في القضاء تحكمين عليه. هذا هو ميراث عبيد الرب وعدلهم عندي يقول الرب». فأقول : المراد بالعاقر في الآية الأولى مكة المعظمة ، لأنها لم يظهر منها نبي بعد إسماعيل عليهالسلام ، ولم ينزل فيها وحي بخلاف أورشليم ، لأنه ظهر فيها الأنبياء الكثيرون ، وكثر فيها نزول الوحي. وبنو الوحشة عبارة عن أولاد هاجر ، لأنها كانت بمنزلة المطلقة المخرجة عن البيت ، ساكنة في البر ، ولذلك وقع في حق إسماعيل في وعد الله هاجر «هذا سيكون إنسانا وحشيا» ، كما هو مصرّح به في الباب السادس عشر من سفر التكوين. وبنو ذات رجل عبارة عن أولاد سارة ، فخاطب الله مكة آمرا لها بالتسبيح والتهليل وإنشار الشكر لأجل أن كثيرين من أولاد هاجر صاروا أفضل من أولاد سارة ، فحصلت الفضيلة لها بسبب حصول الفضيلة لأهلها. ووفى بما وعد بأن بعث محمدا صلىاللهعليهوسلم رسولا أفضل البشر خاتم النبيّين من أهلها في أولاد هاجر. وهو المراد بالصائغ