الفصل الثاني
في دفع المطاعن
اعلم ، أرشدك الله تعالى ، أن المسيحيين يدّعون أن الأنبياء إنما يكونون معصومين في تبليغ الوحي فقط ، تقريرا كان أو تحريرا. وأما في غير التبليغ فليسوا بمعصومين ، لا قبل النبوّة ولا بعدها. فيصدر عنهم بعدها جميع الذنوب قصدا ، فضلا عن الخطأ والنسيان. فيصدر عنهم الزنا بالمحارم ، فضلا عن الأجنبيات ، ويصدر عنهم عبادة الأوثان وبناء المعابد لها ، ولا يخرج عندهم نبيّ من إبراهيم إلى يحيى عليهماالسلام لا يكون زانيا أو من أولاد الزنا ـ أعاذنا الله من أمثال هذه العقائد الفاسدة في حق الأنبياء عليهمالسلام ـ وقد عرفت ، في الأمر السابع من مقدمة الكتاب ، وفي الفصل الثالث والرابع من الباب الأول ، وفي المقصد الأول من الباب الثاني ، أن ادّعاءهم العصمة في التبليغ أيضا ادّعاء باطل لا أصل له على أصولهم. ويصدر هذا الادّعاء عنهم لتغليط العوام. فمطاعنهم على محمد صلىاللهعليهوسلم ، في بعض الأمور التي يفهمونها ذنوبا في زعمهم الفاسد ، لا تقدح في نبوّته على أصولهم. وإني وإن كنت أستكره أن أنقل ذنوب الأنبياء والكفريات المفتريات عن كتبهم ، ولو إلزاما ، ولا أعتقد في حضرات الأنبياء اتّصافهم بهذه الذنوب والكفريات ـ حاشا وكلّا ـ لكني لما رأيت علماء پروتستنت أطالوا ألسنتهم إطالة فاحشة في حق محمد صلىاللهعليهوسلم في الأمور الخفيفة ، وجعلوا الخردلة جبلا لتغليط العوام غير الواقفين على كتبهم ، وكان مظنة وقوع السذج في الاشتباه بتمويهاتهم الباطلة ، نقلت بعضها إلزاما ، وأتبرأ عن اعتقادها بألف لسان. وليس نقلها إلا كنقل كلمات الكفر ، ونقل الكفر ليس بكفر. وقدمت نقلها على نقل مطاعنهم في حق محمد صلىاللهعليهوسلم والجواب عنها. وكتب القسيس وليم اسمت من علماء پروتستنت كتابا في لسان أردو وطبعه في البلد مرزابور من بلاد الهند في سنة ١٨٤٨ من الميلاد وسمّاه طريق الأولياء ، وكتب فيه حال الأنبياء