كليهما يجلون من أوطانهم. وصار مثل هذه المعاملة معهم في ديار فرانس. فهؤلاء المساكين كانوا ينتقلون من إقليم إلى إقليم ، ولا يحصل لهم موضع القرار ، ولم يحصل لهم إلا من في آسيا الكبير أيضا بل قتلوا في كثير من الأوقات ، كما قتلوا في ممالك الفرنج». ثم قال في الصفحة ٢٩ : «إن أهل ملة كاتلك كانوا يظلمون باعتقاد أنهم كفار. وعظماء هذه الملة عقدوا مجلسا للمشورة وأجروا عليهم عدة أحكام. الأول من حمى يهوديا على ضد مسيحي يكون ذا خطأ ويخرج عن الملة. والثاني أنه لا يعطى يهودي منصبا في دولة من الدول. والثالث لو كان مسيحي عبد يهودي فهو حر. والرابع لا يأكل أحد مع اليهودى ولا يعامله. والخامس أن ينزع الأولاد منهم وتربى في الملة المسيحية. وهكذا كان أحكام أخر». أقول : لا شك أن الحكم الخامس أشد أنواع الإكراه. ثم قال : «كانت عادة أهل البلدة نولوس من إقليم فرانس أنهم كانوا يلطمون وجوه اليهود في عيد الفصح ، وكان رسم البلدة بزيرس أن أهلها من أول يوم الأحد من أيام العيد إلى يوم العيد كانوا يرمون اليهود بالحجارة. وكان يكثر القتل أيضا في هذا الرمي ، وكان حاكم البلدة المسيحي المذهب يهيج أهلها على هذا الفعل». ثم قال في الصفحة ٣٠ و ٣١ : «دبر سلاطين فرانس في حق اليهود أمرا وهو أنهم كانوا يتركون اليهود إلى أن يصيروا متمولين بالكسب والتجارة ، ثم يسلبون أموالهم. وبلغ هذا الظلم لأجل الطمع غايته. ثم لما صار فيليب أوغوست سلطانا في فرانس أخذ أولا الخمس من ديون اليهود التي كانت على المسيحيين ، وأبرأ من الباقي ذمة المسيحيين. وما أعطى اليهود حبة. ثم أجلى اليهود كلهم من مملكته. ثم جلس على سرير السلطنة سانت لويس وهو يطلب اليهود مرتين في مملكته وأجلاهم مرتين. ثم أجلى شارل السادس اليهود من مملكة فرانس. وقد ثبت من التواريخ أن اليهود أجلوا من مملكة فرانس سبع مرات. وعدد اليهود الذين أخرجوا من مملكة إسبنيول ، لو فرض في جانب القلة ، لا يكون أقل من مائة ألف وسبعين ألف بيت. وفي مملكة نمسا قتل كثير منهم ونهب كثير منهم ، ونجا منهم قليل وهم الذين تنصروا. ومات كثير منهم بأن سدوا أولا أبوابهم ثم أهلكوا أنفسهم وأولادهم وأزواجهم وأموالهم ، إما بالإغراق في البحر أو بالإحراق بالنار. وقتل غير المحصورين منهم في الجهاد المقدس. وكان الانكليز اتفقوا على أن يظلموا اليهود ، فلما حصل اليأس العظيم ليهود البلدة يرك ، بسبب الظلم ، قتل بعضهم بعضا. فقتل ألف وخمسمائة من الرجال والنساء والأطفال ، وصاروا أذلاء في هذه المملكة بحيث إذا بغى الأمراء على السلطان قتلوا سبعمائة يهودي ونهبوا أموالهم لأجل أن يظهروا شوكتهم على الناس. وسلب رجاردوجان وهنري الثالث من سلاطين إنكلترة مرارا أموال اليهود ظلما ، سيما هنري الثالث. فإنه كانت عادته أنه كان ينهب اليهود بكل طريق على وجه الظلم وعدم الرحمة. وكان جعل أغنياءهم الكبار فقراء. وظلمهم بحيث رضوا على