عشر من الباب العاشر من هذا الكتاب أن مصنّفه ينقل بعض الحالات عن كتاب اختلفت التراجم في بيان اسمه. ففي بعض التراجم كتاب اليسير ، وفي بعضها كتاب ياصار ، وفي بعضها كتاب ياشر ، وفي التراجم العربية المطبوعة سنة ١٨٤٤ سفر الأبرار ، وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١١ سفر المستقيم ، ولم يعلم حال هذا الكتاب المنقول عنه ، ولا حال مصنّفه ، ولا حال زمان التصنيف. غير أنه يفهم من الآية الثامنة عشر من الباب الأول من سفر صموئيل الثاني أن مصنّفه يكون معاصرا لداود عليهالسلام أو بعده. فعلى هذا ، الغالب أن يكون مؤلّف كتاب يوشع بعد داود عليهالسلام. ولمّا كان الاعتبار للأكثر ، وهم يدّعون بلا دليل أنه تصنيف يوشع ، فأطوي الكشح عن جانب غيرهم ، وأتوجّه إليهم وأقول هذا باطل لأمور :
الأمر الأول : هو ما عرفت في الأمر الأول من حال التوراة.
الأمر الثاني : ما عرفت في الأمر الرابع من حال التوراة.
الأمر الثالث : توجد فيه آيات كثيرة لا يمكن أن تكون من كلام يوشع قطعا ، بل تدلّ بعض الفقرات على أن يكون مؤلّفه معاصرا لداود ، بل بعده ، كما عرفت وستعرف هذه الفقرات إن شاء الله في المقصد الثاني من الباب الثاني. والعلماء المسيحية يقولون رجما بالغيب إنها من ملحقات نبيّ من الأنبياء. وهذه الدعوى غير صحيحة ومجرد ادّعاء فلا تسمع. فما لم يقم دليل قوي على الإلحاق تكون هذه الفقرات أدلّة كاملة على أن هذا الكتاب ليس تصنيف يوشع.
الأمر الرابع : في الباب الثالث عشر من هذا الكتاب هكذا : «٢٤ وأعطى موسى سبط جاد وبنيه لقبائلهم ميراثا هذا تقسيمه ٢٥ حدّ يعزير وجميع قرى جلعاد ونصف أراضي بني عمون إلى عرواعير التي هي حيال ربا». وفي الباب الثاني من سفر الاستثناء هكذا : «قال لي الربّ إنك تدلو إلى قرب بني عمون ، احذر تقاتلهم ومحاربتهم. فإني لا أعطيك شيئا من أرض بني عمون لأني أعطيتها بني لوط ميراثا». انتهى ملخصا. ثم في هذا الباب : «أسلم الربّ الهنا الجميع سوى أرض بني عمون التي لم تدن منها». فبيّن الكتابين تخالف وتناقض ، فلو كان هذا التوراة المشهور تصنيف موسى عليهالسلام كما هو مزعوم ، فلا يتصوّر أن يخالفه يوشع ويغلط في المعاملة التي كانت في حضوره ، بل لا يتصوّر من شخص إلهامي آخر أيضا. فلا يخلو إما أن لا يكون هذا التوراة المشهور من تصنيف موسى عليهالسلام أو لا يكون كتاب يوشع من تصنيفه ، بل لا يكون من تصنيف رجل إلهامي آخر أيضا.
وكتاب القضاة الذي هو في المنزلة الثالثة فيه اختلاف عظيم لم يعلم مصنّفه ولا زمان