القول في العدل
والأفعال قد يستقلّ العقل بقبح بعضها دون بعض وبحسنه كالظّلم والإنصاف والكذب والصّدق (١) ، لأنّه (٢) معلوم ولا يستند إلى الشّرع (٣) لاستقباح الجاهلية له ، فلا بدّ من العقل ولأنّا عند كونه ظلما نحكم بقبحه ، فالمؤثّر فيه نفس كونه ظلما.
ومنّا من (٤) ادّعى الضّرورة في ذلك وهو حقّ ولهذا إذا شككنا في النّبوّة يرتفع قبح الزّنا دون قبح الظّلم.
ولو كان الحسن للأمر لم تكن أفعال الصّانع حسنة وانتفاء النّهي مقابلة (٥) في القبح انتفاء الأمر ، فوجب أن تكون أفعاله قبيحة.
والصّانع تعالى لا يفعل القبيح لعلمه بقبحه وغنائه (٦) عنه واعتباره بالشّاهد والتضرّر المدّعى ملغى (٧) حالة الغفلة والحسن إنّما يفعل لحسنه كالتكليف الّذي
__________________
(١). في «ب» : الصدق والكذب.
(٢). في «ب» : ولانه معلوم.
(٣). وهذا خلاف ما ذهبت إليه الأشاعرة والمجبرة حيث قالوا : إنّ التّحريم والتّحليل والإيجاب والنّدب والحسن والقبح ترجع إلى قضية الكلام وموجب الأمر والنّهي ، راجع عن قولهم : الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين الجويني ، ص ٢٦.
(٤). في هامش الأصل : المراد منه أبو الحسين البصري.
(٥). في «ب» : يقابله.
(٦). في «ب» : غناوه وقول المؤلف «وغنائه» عطف على قوله «بقبيحه» لا على قوله «لعلمه» ، على ما قاله العلّامة في أنوار الملكوت ، ص ١٠٨.
(٧). في «ب» : يلغى.