القول في تتبّع اعتراضات مخالفينا في التوحيد
على طريق الإشارة (١) الجملية ، إحالتهم في العذر عن إبطال الموجب عدم (٢) الصّدور على مانع (٣) يلزم منه أن لا يوجد العالم لاستحالة عدم القديم وإحالتهم العالم على فاعل صادر عن الموجب باطل ، لوجوب صدور أمثاله ، بل نحن كلّنا عنه ، فلا بدّ من مخصّص غيره والكلام فيه كما في الأوّل والقدح في القادر الأزلي باستحالة قدم العالم فاسد ، لأنّ المشدود قادر على المشي (٤) ولكنّ المانع منعه.
وليس سميعا بصيرا بسمع وبصر ، لأنّ الإبصار اتّصال الشّعاع بسطح المرئي ، فلا يعقل إلّا في الأجسام ، وتفسيره بأنّه حيّ لا آفة به فاسد ، لأنّه فينا لمعنى (٥) لا يتحقّق فيه ، فلا يحال به على الشّاهد ، بل هو العلم فقط.
وإحالة الإرادة على (٦) القصد باطل ، لأنّه لا دليل عليه ، وخلقها لا في محلّ (٧)
__________________
(١). في «ب» : الأشاعرة.
(٢). في الأصل : علم وما أثبتناه في المتن مأخوذ من نسخة «ب».
(٣). هذه الكلمة في «ب» غير مقروء.
(٤). في «ب» : على المنى.
(٥). في «ب» : بمعنى وهذا أيضا صحيح.
(٦). في «ب» : إلى.
(٧). ذهب أبو الهذيل إلى أنّ خلق الإرادة لا في محل واختاره السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ، حيث قال : من صفاته وإن كانت عن علّة كونه مريدا وكارها ، لأنّه تعالى قد أمر ونهى ولا يكون الأمر والخبر أمرا ولا خبرا إلّا بالإرادة والنهي لما يكون نهيا بالكراهة ولا يجوز أن يستحق هاتين الصفتين لنفسه لوجوب كونه مريدا كارها للشيء الواحد على الوجه الواحد ولا لعلّة قديمة لما تبطل به الصفات القديمة ولا لعلّة محدثة في غير حيّ لافتقار الإرادة إلى بنية ولا لعلّة موجودة ، لوجوب رجوع كلّها إلى ذلك ولم يبق إلّا أن توجد لا في محلّ ، انظر : تمهيد الأصول ، المقدمة وأبطل الشيخ ابن نوبخت ذلك بقوله : «وخلقها لا في محلّ معارض بخلقها في جماد».