المصطفى ، وعلى المعصومين من أنبائه (١).
وبعد : فقد بيّنت في هذه المقالة : «واجب الاعتقاد على جميع العباد» ولخّصت فيها ما يجب معرفته من المسائل الاصوليّة [على الأعيان] ، وألحقت به بيان الواجب من اصول العبادات ، والله الموفّق للخيرات.
أقول : الحمد : هو الثّناء [اللسانيّ] على الفعل الجميل (٢) الاختياريّ ، فغير الاختياريّ ، كالتّنفّس الضّروريّ للإنسان ووقوعه من علوّ لا يتعلّق به مدح ولا ذمّ.
والشّكر : هو الاعتراف بنعمة المنعم مع التّعظيم ، والفرق بينهما أنّ كلّ واحد منهما أعمّ من الآخر من وجه ، وأخصّ من وجه.
أمّا بيان عموم الحمد ؛ فلأنّه يكون ابتداءً وفي مقابلة النّعمة. وأمّا بيان خصوصه ؛ فلأنّه يكون بالقول دون الفعل.
وأمّا بيان عموم الشّكر ؛ فلأنّه يكون بالقول والفعل ، [كما] تقول : ركعت شكرا وسجدت شكرا.
وأمّا بيان خصوصه ؛ فلأنّه لا يكون إلّا في مقابلة النّعمة ، فإذا قلت : فلان شخص عالم كريم ، ولم يكن له عليك نعمة ، فهذا حمد لا شكر. وإذا قلت : سجدت لله ، فهذا شكر لا حمد ، وإذا قلت : فلان أنعم عليّ فجزاه الله خيرا وأحسن إليه ، فهذا حمد وشكر.
ولله ؛ جارّ ومجرور ، وأصله «الله» حذفت الهمزة عند دخول اللّام ، لأنّها همزة وصل ، وأصل الله «إله» حذفت الألف لا لعلّة ، فبقي «لاه» ، ثمّ عوّضوا عن المحذوف الألف واللّام الّتي للتّعريف ، فبقي «الله» ، ثمّ فخّموه فصار «الله» بالتّفخيم ، وإذا كان ما قبل لفظة الجلالة مكسورا كانت مرقّقة ؛ كما في «لله» وإذا
__________________
(١) قال صاحب اللّسان : قال أبو منصور : سمّى الحجج أنباء ، وهي جمع النّبإ ، لأنّ الحجج أنباء عن الله ـ عزوجل. لسان العرب ١ : ١٦٢ (مادّة نبأ). وكذا سيأتي شرحها.
(٢) «ج» : الحسن.