أقول : لمّا بيّن أنّه تعالى قادر عالم ، استدلّ على عموم قدرته وعلمه ، أي : أنّه قادر على كلّ المقدورات ، عالم بكلّ المعلومات.
أمّا بيان أنّه قادر على كلّ المقدورات ؛ فلأنّ المقدورات هي الممكنات لا غير ـ على ما تقدم بيانه ـ (١) ونسبة الممكنات إليه على سبيل السّويّة ، لأنّه واجب وما عداه ممكن ، ونسبة الواجب إلى الممكن نسبة واحدة ، والمقتضي لاحتياج الشّيء إلى فاعل هو الإمكان ، فتشترك جميع الممكنات في صحّة القدرة عليها ، فثبت أنّه قادر على كلّ المقدورات.
وأمّا بيان أنّه عالم بكلّ المعلومات ؛ [فنقول : يجب أن يكون عالما بكلّ المعلومات] ، لأنّه لو لا ذلك ، للزم : إمّا أن لا يكون عالما بشيء منها ، أو يكون عالما ببعض دون بعض. والأوّل محال ، لما ثبت من كونه عالما ، والثّاني أيضا محال ، وإلّا لكان علمه بالبعض منها دون البعض مع تساويهما بالنّسبة إلى ذاته تخصيصا من غير مخصّص ، وهو محال.
قال «قدّس الله روحه» :
ويجب أن يعتقد أنّه تعالى سميع بصير ، لأنّه عالم بكلّ المعلومات ، ومن جملتها المسموع (٢) والمبصر ، فيكون عالما بهما ، وهو معنى كونه سميعا بصيرا.
أقول : من [جملتها ـ أي : الصّفات] (٣) الثّبوتيّة ـ كونه سميعا بصيرا ، وإنّما أثبتنا له سبحانه هاتين الصّفتين لورود الإذن الشّرعيّ في تسميته تعالى بهما في قوله [تعالى] : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (٤) لأنّ أسماءه تعالى توقيفيّة ، بمعنى : انّها لا يطلق
__________________
(١) راجع ص : ٥٧.
(٢) «ج» : المسمع.
(٣) «ج» : جملة صفاته.
(٤) لقمان : ٢٨ ، المجادلة : ١.