ضدّان ـ واجتماع الضّدّين في محلّ واحد محال.
وإمّا أن لا يقع مراد كلّ واحد منهما ، فيلزم أن يكون الجسم لا ساكنا ولا متحرّكا ، وقد قلنا أنّ كلّ جسم لا يخلو من الحركة ولا السّكون ، فخلوّه عنهما محال.
وإمّا أن يقع مراد أحدهما دون مراد الآخر ، فيلزم المحال ، من وجهين :
الأوّل أن [يكون] ذلك ترجيح من غير مرجّح ، وهو محال.
والثّاني أنّ الّذي وقع مراده يكون غالبا ، والّذي يقع مراده يكون مغلوبا ، والمغلوب عاجز ، [والعاجز] لا يكون إلها.
وأمّا النّقل : فقوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (١) وقوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات الواردة في القرآن المجيد.
قال «قدّس الله روحه» :
ويجب أن يعتقد أنّه تعالى مريد ، لأنّ نسبة الحدوث إلى جميع الأوقات بالسّويّة ، فلا بدّ من مخصّص ، هو : الإرادة (٣).
أقول : لمّا ثبت أنّ العالم محدث ، فتخصيص وجود المحدثات بوقت دون وقت مع تساوي الأوقات بالنّسبة إليها لا بدّ له من مخصّص خصّص وجوده بذلك الوقت دون غيره من الأوقات ، وإلّا لزم التّخصيص من غير مخصّص ، وهو محال. وذلك المخصّص هو الإرادة ، وهو علمه بما في وجود ذلك الحادث في هذا الوقت من المصلحة دون غيره من الأوقات ، فلهذا اختصّ وجود ذلك الحادث بذلك الوقت.
هذا معنى كونه مريدا لما يفعله ، كما تقول : انّه تعالى أراد خلق العالم لما علم في وجوده من المصلحة.
__________________
(١) البقرة : ١٦٣.
(٢) الإخلاص : ١.
(٣) الإرادة قسمان : إرادة لأفعال نفسه ، وتسمّى «إرادة تكوينيّة» كخلق الإنسان والأكوان ورزق الحيوان ، وغيره ، وإرادة لأفعال عبيده ، وتسمّى «إرادة تشريعيّة» كالأمر بالصّلاة والصّيام والحجّ ، وغيره. وكذا الكراهة.