اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (١) وليس معناه أنّه يتكلّم بجوارح ، لأنّ ذلك إنّما يكون للأجسام ، وهو تعالى ليس بجسم. بل معناه أنّه [تعالى] أوجد الكلام الّذي هو الحروف والأصوات في جسم من الأجسام ؛ كما أوجد الكلام في الشّجرة ، فسمعه موسى عليهالسلام.
والدّليل عليه : ما سبق من كونه تعالى قادرا على جميع الممكنات ، وهذا من جملتها. وهو محدث ، لأنّه مركّب من الحروف والأصوات المرتّبة (٢) الّتي يتقدّم بعضها على (٣) بعض ، وما يكون كذلك فهو محدث ، لعدم السّابق بوجود اللّاحق ، وسبق اللّاحق بالسّابق ، والقديم لا يعدم ، ولا يسبقه غيره ، فثبت حدوثه.
قال «قدّس الله روحه» :
ويجب أن يعتقد أنّه تعالى ليس بجسم ، ولا عرض ، ولا جوهر ، وإلّا لكان متحيّزا ، أو حالّا في المتحيّز ، فيكون محدثا.
وأنّه تعالى يستحيل عليه الحلول في محلّ أو (٤) جهة ، وإلّا لكان مفتقرا إليهما (٥) ، فلا يكون واجبا.
وأنّه تعالى لا يتّحد بغيره ، لأنّ الاتّحاد غير معقول.
وأنّه [تعالى] غير مركّب عن شيء ، [وإلّا لكان مفتقرا إلى جزئه فيكون ممكنا.
وأنّه تعالى يستحيل رؤيته] وإلّا لكان في جهة. وقد بيّنّا بطلانه.
وأنّه تعالى يستحيل عليه الحاجة ، وإلّا لكان ممكنا ، وهو محال.
__________________
(١) النّساء : ١٦٤.
(٢) «ج» : المترتّبة.
(٣) «ج» : عن.
(٤) «ج» : و.
(٥) «ج» : إليها.