عليه (١) ، فسألهم ، فأبوا أن يخبروه إلّا بأمان من الفضل أن لا يعرض لهم. فضمن المأمون ذلك ، وكتب لكلّ واحد منهم بخطّه كتابا. فأخبروه بما فيه النّاس من البلاء ، ومن غضبة أهل بيته وقوّاده عليه في أشياء كثيرة. وما موّه عليه الفضل من أمر هرثمة. وأنّ هرثمة إنّما جاءه لنصحه وهدايته إلى الأمر. وأنّ الفضل دسّ إلى هرثمة من قتله. وأنّ طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعتك ما أبلى ، وفتح الأمصار ، وقاد إليك الخلافة مزمومة ، حتّى إذا وطّأ الأمر أخرج من ذلك كلّه ، وصيّر في زاوية من الأرض بالرّقّة. قد منع من الأموال حتّى ضعف أمره ، وشغب عليه جنده. وأنّه لو كان على بغداد لضبط الملك بخلاف الحسن بن سهل. وقد تنوسي طاهر بالرّقّة لا يستعان به في شيء من هذه الحروب (٢).
[خروج المأمون إلى العراق]
ثمّ سألوا المأمون الخروج إلى العراق ، فإنّ بني هاشم والقوّاد لو رأوا غرّتك سكتوا وأذعنوا بالطّاعة.
فنادى بالمسير إلى العراق. ولمّا علم الفضل بن سهل بشأنهم تعنّتهم حتّى ضرب البعض وحبس البعض. فعاود عليّ الرّضا المأمون في أمرهم ، وذكّره بضمانه لهم. فذكر المأمون أنّه يداري ما هو فيه.
ثم ارتحل من مرو وقدم سرخس ، فشدّ قوم على الفضل بن سهل وهو في الحمّام فضربوه بالسيوف حتّى مات في ثاني شعبان.
وكانوا أربعة من حشم المأمون : غالب المسعوديّ الأسود ، وقسطنطين الروميّ ، وفرج الدّيلميّ ، وموفّق الصّقلبي ، فعاش ستين سنة ، وهرب هؤلاء ، فجعل المأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار. فجاء بهم العبّاس بن الهيثم الدّينوريّ ، فقالوا للمأمون : أنت أمرتنا بقتله. فضرب أعناقهم (٣). وقد قيل إنهم اعترفوا أنّ عليّ ابن أخت الفضل بن سهل دسّهم.
ثم إنّه طلب عبد العزيز بن عمران ، وعليّ بن أخت الفضل ، وخلفا
__________________
(١) من هنا يعود النصّ إلى «تاريخ الإسلام» للمؤلّف.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٥٦٤ ، ٥٦٥ ، ابن الأثير ٦ / ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٥٥.
(٣) الطبري ٨ / ٥٦٥ ، ابن الأثير ٦ / ٣٤٧ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٥٦ ، ٣٥٧.