وفيها مرض الحسن بن سهل مرضا شديدا ، وأعقبه السوداء ، وتغيّر عقله حتّى ربط وحبس. وكتب قوّاده بذلك إلى المأمون ، فأتاهم الخبر أن يكون على عسكره دينار بن عبد الله ، وها أنا قادم إليكم (١).
* * *
[الخلاف بين ابن المهديّ وعيسى بن محمد]
وأمّا عيسى بن محمد بن أبي خالد فشرع بمكاتبة حميد ، والحسن بن سهل سرّا. وبقي إبراهيم بن المهديّ كلّما لحّ عليه في الخروج إلى المدائن لقتال حميد يعتلّ عليه بأرزاق الجند مرّة ، وحتّى يستغلّوا مرة. حتّى إذا توثّق بما يريد ممّا بينه وبين حميد والحسن فارقهم ، وكان قد ناوشهم بعض القتال في الصّورة ، ثم وعدهم أن يسلّم إليهم إبراهيم بن المهديّ. فلما وصل بغداد قال للنّاس : إنّي قد سالمت حميدا وضمنت له أن لا أدخل عمله ولا يدخل عملي.
ثم خندق على باب الجسر وباب الشّام. فبلغ إبراهيم ما هو فيه فحذر (٢).
وقيل : إنّ الّذي نم إليه هارون أخو عيسى ، فطلبه إبراهيم ، فاعتلّ عليه عيسى. ثم ألح عليه في المجيء ، فأتاه ، فحبسه بعد معاتبة بينهما ، وبعد أن ضربه وحبس (٣) معه عدّة من قوّاده في آخر شوّال. فمضى بقيّة أصحابه ومواليه بعضهم إلى بعض ، وحرّضوا إخوته على إبراهيم بن المهديّ ، فتجمّعوا ، وكان رأسهم عبّاس نائب عيسى ، فطردوا كلّ عامل لإبراهيم في الكرخ وغيره. ثم كثروا على عامل باب الجسر وطردوه. فدخل إلى إبراهيم وقطع الجسر. ثم ظهر الأوباش والشّطّار (٤).
وكتب عيسى إلى حميد يحثه على المجيء ليتسلّم بغداد. ولم يصلّوا جمعة بل ظهرا. فقدم حميد وخرج للقيّه عبّاس وقوّاد أهل بغداد ، فوعدهم
__________________
(١) الطبري ٨ / ٥٦٨ ، ٥٦٩ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٥٧ ، النجوم الزاهرة ٢ / ١٧٤.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٥٦٩ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٣٥١ ، ٣٥٢.
(٣) حتى هنا من «تاريخ الإسلام» للمؤلّف ، والآتي من «المنتقى» لابن الملّا ، لوجود خرم في نسخة الأصل للمؤلف.
(٤) تاريخ الطبري ٨ / ٥٦٩ ، ٥٧٠ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٥٧ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٣٥٢ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٤٩.