سنة تسع ومائتين
[تقريب المأمون أهل الكلام]
فيها كان المأمون يقرّب أهل الكلام ، ويأمرهم بالمناظرة بحضرته ، وينظر ما دلّ عليه العقل. ومجانسة بشر بن غياث المريسيّ ، وثمامة بن أشرس (١) ، وهؤلاء الجنوس النّحوس (٢).
* * *
[طلب نصر بن شبث الأمان]
وكان قد طال القتال بين عبد الله بن طاهر ، ونصر بن شبث العقيليّ. ثمّ إنّ عبد الله استظهر عليه وحصره في حصن له ، وضيّق له حتّى طلب الأمان. فقال المأمون لثمامة بن أشرس : ألا تدلّني على رجل من أهل الجزيرة له عقل وبيان يؤدّي عنّي رسالة إلى نصر بن شبث.
فقال : بلى يا أمير المؤمنين : جعفر بن محمد من بني عامر.
قال جعفر : فأحضرني ثمامة ، فكلّمني المأمون بكلام كثير لأبلّغه نصرا.
قال : فأتيته وهو بسروج وأبلغته ، فأذعن ، وشرط أن لا يطأ له بساطا.
فأتيت المأمون وأخبرته. فقال : لا أجيبه والله حتّى يطأ بساطي. وما باله ينفر منّي؟
قلت : لجرمه.
قال : أتراه أعظم جرما عندي من الفضل بن الربيع ، ومن عيسى بن أبي خالد؟ أتدري ما صنع الفضل؟ أخذ قوّادي وأموالي وجنودي وذهب بذلك إلى
__________________
(١) ستأتي ترجمتهما في وفيات الجزء التالي من هذا الكتاب ، باب : الباء ، والثاء.
(٢) النجوم الزاهرة ٢ / ١٨٧.