وكان قدم المدينة ، فأوقر له عرابة راحلته تمرا وبرّا وكساه وأكرمه.
قال أصحاب المعاني (١) : قوله باليمين ، أي بالقوة ، ومنه (٢) : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) [الحاقة : ٤٥].
وقصّته معه مشهورة. ورأيت في ديوان الشّماخ وقال توفّي رجل من بني ليث يقال له بكر أصيب بأذربيجان وكان الشّماخ غزا أذربيجان مع سعيد بن العاص. وفيه أيضا : نزلت امرأة المدينة ومعها بنات لها وسيمات ، فجعلت للشّماخ عن كل واحدة جزورا على أن يذكرهنّ ، فذكر له قصيدة ، وذكر فيه أيضا مهاجاة له مع الخليج بن سويد الثّعلبي وهما يسيران مع مروان بن الحكم ، وهو حينئذ أمير المدينة ، وقال العتبي : مما يتمثل به من شعر الشّماخ قوله :
ليس بما ليس به بأس باس |
|
ولا يضرّ البرّ ما قال النّاس |
[الرجز]
قالوا : وهوى الشّماخ امرأة اسمها كلبة بنت جوال [أخت جبل بن جوّال] الشّاعر التغلبيّ ، وغاب فتزوّجها أخوه جزء فلم يكلمه بعد ، وماتا متهاجرين.
وروى الفاكهيّ بإسناد صحيح عن أم كلثوم بنت أبي بكر ، عن عائشة ـ أنها حجّت مع عمر آخر حجة حجّها ، فارتحل من الحصبة آخر اللّيل ، فجاء راكب فسأل عن منزله فأناخ به ورفع عقيرته يتغنى :
عليك سلام من أمير وباركت |
|
يد الله في ذاك الأديم الممزّق (٣) |
[الطويل]
الأبيات في رثاء عمر.
قالت عائشة : فنظرنا مكانه فلم نجد أحدا ، فحسبته من الجنّ ، فنحل النّاس هذه الأبيات الشّماخ وأخاه جمّاع بن ضرار.
وروى عمر بن شبّة هذه القصّة ، فقال في آخرها أو أخاه جزء بن ضرار.
__________________
٢ / ٩٤ ، اللسان «قطع» ، الشعراء : ٢٧٨.
(١) في أالمغازي.
(٢) في أومثله.
(٣) انظر ديوان الشماخ ص ٤٠٠ ، شرح أدب الكاتب ص ١٣٤ ، سمط اللآلئ ١ / ٥٨ ، الاقتضاب ص ٢٩٩ ، مجمع الأمثال ١ / ٩٣ ، مجالس ثعلب ١ / ٣٩ ، الشعر والشعراء ١ / ٢٧٧ ، الطراز ٣ / ٣٥٩.