لما قدم عبيد الله بن عمر الكوفة أتيته أنا وعبد الله بن بديل ، فقال له عبد الله بن بديل : اتّق الله يا عبيد الله ، لا تهرق دمك في هذه الفتنة. قال : وأنت فاتّق الله. قال : إنما أطلب بدم أخي ، قتل ظلما. فقال : وأنا أطلب بدم الخليفة المظلوم. قال : فلقد رأيتهما قتيلين بصفّين ما بينهما إلا عرض الصف.
وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم بسنده إلى زيد بن وهب : إن عبد الله بن بديل قام بصفين فقال : إن معاوية نازع الأمر أهله ، وصال عليكم بالأحزاب والأعراب ، وأنتم والله على الحقّ ، فقاتلوا.
ومن طريق الشّعبي قال : كان على عبد الله بن بديل بصفين درعان ، ومعه سيفان ، فكان يضرب أهل الشام وهو يقول :
لم يبق إلّا الصّبر والتّوكّل |
|
ثمّ التّمشّي في الرّعيل الأوّل (١) |
مشي الجمال في حياض المنهل |
|
والله يقضي ما يشا ويفعل |
[الرجز]
وقال عبد الرّزاق ، عن معمر ، عن الزهري : ثارت الفتنة ودهاة الناس خمسة ، فمن قريش معاوية وعمرو ، ومن ثقيف المغيرة ، ومن الأنصار قيس بن سعد ، ومن المهاجرين عبد الله بن بديل بن ورقاء.
وهكذا أخرجه البخاريّ في «التاريخ» في ترجمة المغيرة بن شعبة (٢) ، فقال : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشيم بن يوسف ، عن معمر بهذا.
وأغرب أبو نعيم ، فقال : إنه كان في زمن عمر صبيّا صغير السنّ ، وإنه قتل وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكره ابن حبّان في «ثقات التّابعين» ، وقال : قتل يوم صفّين في أصحاب علي. وقيل قتل يوم الحمل. ووصف الزهري له بأنه من المهاجرين يردّ (٣) جميع ذلك.
قلت : وفي الرّواة عبد الله بن بديل الخزاعي متأخر ، يروي عن الزّهري ، وعمرو بن دينار ، وهو حفيد هذا أو ابن أخته. وروى عنه أبو عامر العقدي ، وأبو داود الطيالسي ، وزيد بن الحباب ، وغيرهم.
__________________
(١) ينظر البيتان في الاستيعاب ترجمة (١٤٨٩) ، أسد الغابة ترجمة (٢٨٣٤).
(٢) في أ : المغيرة بن سعيد.
(٣) في أ : من المهاجرين فرد جميع ذلك.