بحيث أنّ الخبر يأتيه في أربعة أيّام من مسيرة شهر. فلمّا قدم ببابك أنزلوه بالمطيرة (١).
[تنكّر المعتصم لرؤية بابك]
فلمّا كان في جوف اللّيل أتى أحمد بن أبي دؤاد متنكّرا ، فنظر إلى بابك وشاهده ، وردّ إلى المعتصم فأخبره. فلم يصبر المعتصم حتّى أتى متنكّرا ، فتأمّله وبابك لا يعرفه (٢).
[ديانة بابك]
وكان ، لعنه الله ، ثنويّا على دين ماني ، ومزدك ، يقول بتناسخ الأرواح ، ويستحلّ البنت وأمّها. وقيل كان ولد زنا ، وكانت أمّه عوراء تعرف برمية العلجة (٣). وكان عليّ بن مزدكان يزعم أنّه زنى بها ، وأنّ بابك منه.
وقيل : كانت فقيرة من قرى آذربيجان ، فزنى بها نبطيّ ، فحملت منه بابك ، وربّي بابك أجيرا في قريته (٤). وكان بتلك الجبال قوم من الخرّميّة ولهم مقدّمان : جاوندان (٥) وعمران. فتفرّس جاوندان في بابك الشجاعة ، فاستأجره من أمّه ، فأحبّته امرأة جاوندان ، وأطلعته على أمور زوجها ، ثم قتل جاوندان في وقعة بينه وبين ابن عمّ له ، فزعمت امرأته أنّه استخلف بابك ، فصدّقها الجند وانقادوا له ، فأمرهم أن يقتلوا باللّيل من وجدوا من رجل أو صبيّ. فأصبح خلق مقتّلين. ثمّ انضمّ إليه طائفة من قطّاع الطّريق ، وطائفة من الفلّاحين والشّطّار. ثم استفحل أمره ، وعظم شرّه ، وصار معه عشرون ألف مقاتل. وأظهر مذهب الباطنيّة ، واستولى على حصون ومدائن ، وقتل وسبى إلى أن أظفر الله به (٦). فأركبه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٩ / ٥٢ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٧٧.
(٢) الطبري ٩ / ٥٢ ، الكامل ٦ / ٤٧٧ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٨٤.
(٣) في تاريخ الطبري ٩ / ٥٤ : «وكانت أمّه ترتوميذ العوراء من علوج ابن الروّاد». وفي الأخبار الطوال ٤٠٢ قال أبو حنيفة الدينَوَريّ : إنه كان من ولد مطهّر بن فاطمة بنت أبي مسلم ، هذه التي ينتسب إليها الفاطمية من الخرّميّة.
(٤) البدء والتاريخ للمقدسي ٦ / ١١٥.
(٥) في البدء والتاريخ ٦ / ١١٥ «جاويذان».
(٦) البدء والتاريخ ٦ / ١١٥ ، ١١٦.