المعتصم فيلا ، وألبسه قباء من ديباج ، وقلنسوة سمّور (١) مثل الشّربوش (٢) ، وخضبوا الفيل بالحنّاء ، وطافوا به (٣).
[قطع أطراف بابك وقتله]
ثم أمر المعتصم بأربعته فقطّعت ، ثم قطع رأسه وطيف به بسامرّاء (٤). وبعث بأخيه إلى بغداد ، ففعل به نحو ذلك ، واسمه عبد الله (٥). ويقال إنّه كان أشجع من بابك. فيقال إنّه قال لأخيه بابك قدّام الخليفة : يا بابك قد عملت ما لم يعمله أحد ، فاصبر صبرا لم يصبره أحد.
فقال : سوف ترى صبري.
فلمّا قطعت يده مسح بالدّم وجهه (٦) ، فقالوا : لم فعلت هذا؟
قال : قولوا للخليفة إنّك أمرت بقطع أربعتي وفي نفسك أنّك لا تكويهما وتدع دمي ينزف ، فخشيت إذا خرج الدّم أن يصفرّ وجهي ، فترون أنّ ذلك من جزع الموت. فغطّيت وجهي بالدّم لهذا.
فقال المعتصم : لو لا أنّ أفعاله لا توجب الصّنيعة والعفو لكان حقيقا بالاستبقاء.
ثم ضربت عنقه ، وأحرقت جثّته ، وفعل ذلك بأخيه ، فما منهما من صاح.
__________________
(١) سمّور : نسبة إلى السّمّور ، وهو حيوان ثمين يستعمل فروه لتحلية الملابس الفاخرة. ويطلق عليه باللاتينيةELBAS.
(٢) الشربوش : وهو شيء يشبه التاج كأنه شكل مثلّث يجعل على الرأس بغير عمامة. وجمعها : شرابش ، وشرابيش. (معجم مفصّل في أسماء الألبسة عند العرب ـ رينهارت دوزي ـ طبعة مكتبة لبنان ، بيروت المصوّرة عن طبعة أمستردام ١٨٤٣ ـ ص ٢٢٠).
(٣) تاريخ الطبري ٩ / ٥٣ ، الفتوح لابن أعثم ٨ / ٣٥٣.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٤ ، تاريخ الطبري ٩ / ٥٣ ، الفتوح لابن أعثم ٨ / ٣٤٦ و ٣٥٣ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٨٨ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٧٨ ، مروج الذهب ٤ / ٥٧ ، ٥٨.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، تاريخ الطبري ٩ / ٥٣ ، الفتوح لابن أعثم ٨ / ٣٤٦ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٨٨ ، الكامل ٦ / ٤٧٨ ، مروج الذهب ٤ / ٥٨ ، تاريخ العظيمي ٢٥١ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٤٩.
(٦) البدء والتاريخ ٦ / ١١٨.