قال : لا؟
فقالوا للمازيار : هل كتب إليك؟
قال : كتب إليّ أخوه على لسانه أنّه لم يكن ينصر هذا الدّين الأبيض غيري وغيرك وغير بابك. فأمّا بابك فإنّه بحمقه قتل نفسه ، فإن خالفت لم يكن للخليفة من يؤمر بقتالك ، غيري ، ومعي الفرسان وأهل النّجدة والبأس. فإن وجّهت إليك لم يبق أحد يحاربنا إلّا ثلاثة : العرب ، والمغاربة ، والأتراك. فأمّا العربيّ فبمنزلة الكلب ، أطرح له كسرة ، ثمّ اضرب رأسه بالدّبّوس. وهؤلاء الذّئاب (١) ، يعني المغاربة ، فإنّهم أكلة رأس ، وأمّا التّرك ، فإنّما هي ساعة حتّى تنفد سهامهم ، ثمّ تجول عليهم الخيل جولة ، فتأتي على آخرهم ، ويعود الدّين إلى ما لم يزل عليه أيّام العجم.
فقال الأفشين : هذا يدّعي على أخي (٢) ، ولو كنت كتبت بهذا إليه لأستميله كان غير مستنكر ، لأنّي إذا نصرت أمير المؤمنين بيدي ، كنت أن أنصره بالحيلة أحرى لآخذ برقبة ذا.
فزجره أحمد بن أبي دؤاد وقال : أمطهّر أنت؟
قال : لا.
قال : ما منعك من ذلك؟
قال : خفت التّلف (٣).
قال : أنت تلقى الحروب وتخاف من قطع قلفة.
قال : تلك ضرورة أصبر عليها ، وأمّا القلفة فلا ، ولا أخرج بها من الإسلام.
فقال أحمد : قد بان لكم أمره.
قال : فردّ إلى الحبس (٤).
* * *
__________________
(١) في تاريخ الطبري ٩ / ١٠٩ «الذباب» ، وكذلك في تجارب الأمم ٦ / ٥٢٢.
(٢) في تاريخ الطبري «على أخيه وأخي».
(٣) قال المقدسي إن الأفشين وجد بقلفته لم يختن. (البدء والتاريخ ٦ / ١١٩).
(٤) الخبر بطوله في تاريخ الطبري ٩ / ١٠٨ ـ ١١٠ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٥١٠ ـ ٥١٦ ، وتجارب =