فأقول : ما تطيب نفسي. فيقول : إنّه لا يضيرني. فأروم ذلك ، فإذا هو لا تعمل فيه الأسنّة ، فضلا عن الأسنان (١).
وانصرف يوما من دار المأمون إلى داره ، وكان شارع الميدان منتظما بالخيم ، فيها الجند ، فإذا امرأة تبكي وتقول : ابني ابني. وإذا بعض الجند قد أخذ ولدها ، فدعاه المعتصم ، وأمره بردّ ابنها عليها ، فأبى ، فاستدناه ، فدنا منه ، فقبض عليه بيده ، فسمعت صوت عظامه ، ثم أطلقه فسقط. وأمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه (٢).
وقال أحمد بن أبي طاهر : ذكر أحمد بن أبي دؤاد المعتصم يوما ، فأسهب في ذكره ، وأطنب في وصفه ، وذكر من سعة أخلاقه ، ورضيّ أفعاله ، وقال : كثيرا ما كنت أزامله في سفره (٣).
قال أبو بكر الخطيب (٤) : ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه ، بنى سرّ من رأى ، وانتقل إليها فسكنها بعسكره ، وسمّيت العسكر ، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين.
وعن عليّ بن يحيى المنجّم قال : استتمّ عدّة غلمان المعتصم الأتراك بضعة عشر ألفا. وعلّق له خمسون ألف مخلاة. وذلّل العدوّ بالنّواحي.
فيقال إنّه قال في مرض موته : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) (٥).
وقال المسعوديّ : وزر له ابن الزّيّات إلى آخر أيّامه ، وغلب عليه أحمد بن أبي دؤاد.
وقال ابن أبي الدّنيا : نا عليّ بن الجعد قال : لمّا احتضر المعتصم جعل
__________________
(١) تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦.
(٢) تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦.
(٣) تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٥.
(٤) في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦.
(٥) سورة الأنعام ، الآية ٤٤.