قال الحاكم : وحدّثني أبو عليّ النّيسابوريّ الحافظ ، عن شيوخه ، أنّ ابن المبارك نزل مرّة برأس سكّة عيسى ، وكان الحسن بن عيسى يركب ، فيجتاز به وهو في المجلس ، والحسن من أحسن الشّباب ، فسأل عنه ابن المبارك ، فقيل إنّه نصرانيّ. فقال : اللهم ارزقه الإسلام. فاستجيب له (١).
وقال أبو العبّاس السّرّاج : ثنا الحسن بن عيسى مولى عبد الله بن المبارك ، وكان عاقلا ، عدّ في مجلسه بباب الطّاق اثنا عشر ألف محبرة (٢) ، ومات بالثّعلبيّة (٣) سنة أربعين (٤).
قال الحاكم : سمعت أبا بكر وأبا القاسم أبني المؤمّل بن الحسن يقولان :
أنفق جدّنا في الحجّة الّتي توفّي فيها ثلاثمائة ألف درهم (٥).
قال الحاكم : فحججت معهما ، وزرت معهما بالثّعلبيّة قبر جدّهما ، فقرأت على لوح قبره : «بسم الله الرحمن الرحيم ، (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ). هذا قبر الحسن بن عيسى بن ماسرجس ، مولى عبد الله بن المبارك ، توفّي في صفر سنة أربعين ومائتين» (٦).
قال محمد بن المؤمّل بن الحسن الماسرجسيّ : سمعت أبا يحيى البزّاز يقول لأبي رجاء القاضي محمد بن أحمد : كنت فيمن حجّ مع الحسن بن عيسى وقت وفاته بالثّعلبيّة سنة أربعين ، فاشتغلت بحفظ محملي عن شهوده ، لغيبة عديلي ، فأريته في النّوم فقلت : يا أبا عليّ ، ما فعل الله بك؟
قال : غفر لي ولكلّ من صلّى عليّ.
فقلت : فاتتني الصّلاة عليك لغيبة العديل.
قال : لا تجزع ، غفر لي ولمن صلّى عليّ ، ولكلّ من يترحم عليّ (٧).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٢.
(٢) تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٣.
(٣) الثعلبية : منسوبة إلى ثعلبة بن مالك بن مروان بن أسد ، هو أول من احتفرها ، وهي من أعمال المدينة ، وهي ماء لبني أسد. (معجم ما استعجم ١ / ٣٤١).
(٤) تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٣.
(٥) تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٣.
(٦) تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، وبها أرّخه البخاري ، وابن عساكر.
(٧) تاريخ بغداد ٧ / ٣٤٥.