خلقا عظيما ، وسبى خلقا ، حتّى قيل إنّ المقتلة بلغت ثلاثين ألفا ، وسار إلى تفليس (١).
[المتوكل يأمر بحلق لحية قاضي القضاة بمصر]
وفيها بعث المتوكّل إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة بمصر أبي بكر محمد بن أبي اللّيث ، وأن يضربه ، ويطوف به على حمار. ففعل ذلك به في شهر رمضان ، وسجن (٢) ، ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ). اللهم لا تأجره في مصيبته ، فإنّه كان ظالما من رءوس الجهميّة (٣).
[ولاية الحارث بن مسكين القضاء]
ثمّ ولي القضاء الحارث بن مسكين بعد تمنّع ، وأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة والشّافعيّ من المسجد ، ورفعت حصرهم ، ومنع عامّة المؤذّنين من الأذان. وكان قد أقعد ، فكان يحمل في محفّة إلى الجامع. وكان يركب حمارا متربّعا. وضرب الذين يقرءون بالألحان. وحمله أصحابه على النّظر في أمر القاضي الّذي قتله محمد بن أبي اللّيث ، وكانوا قد لعنوه لما عزل ، ورفعوا حصره ، وغسّلوا موضعه من المسجد. فكان الحارث بن مسكين يوقف القاضي محمد بن أبي اللّيث ، ويضرب كلّ يوم عشرين سوطا ، لكي يؤدّي ما وجب عليه من الأموال. وبقي على هذا أيّاما (٤).
وعزل الحارث بعد ثمان سنين ببكّار بن قتيبة (٥).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٨٩ ، تاريخ الطبري ٩ / ١٨٧ ، تجارب الأمم ٦ / ٥٤٦ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٥٨ ، تاريخ الزمان لابن العبري ٣٨ ، تاريخ مختصر الدول ١٤٣ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، البداية والنهاية ١٠ / ٣١٥ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٩٠ و «تفليس» بفتح أوله وكسره ، بلد بأرمينية الأولى ، وبعض يقول بأرّان ، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان ٢ / ٣٥).
(٢) الولاة والقضاة للكندي ٤٦٥ ، تاريخ الخلفاء ٣٤٧.
(٣) تاريخ الخلفاء ٣٤٧.
(٤) الولاة والقضاة للكندي ٤٦٣ و ٤٦٨ ، ٤٦٩ ، تاريخ الخلفاء ٣٤٧.
(٥) الولاة والقضاة ٤٧٥ و ٤٧٦ و ٤٧٧ (ذيل أحمد بن عبد الرحمن بن برد) ، مآثر الإنافة ١ / ٢٣٤.