سعيد بن حسّان ، فقال له : يا أبا وهب ، ما تقول في مسألة كذا؟ ـ المسألة التي سألهم فيها القاضي ـ هل تذكر لأصبغ بن الفرج فيها شيئا؟
فقال : نعم ، أصبغ يقول فيها كذا. فأفتى بموافقة يحيى ، وسعيد.
فقال له سعيد : انظر ما تقول ، أنت على يقين من هذا؟
قال ، نعم.
قال : فأتني بكتابك.
قال عبد الأعلى : فخرجت مسرعا ، ثم ندمت ودخل عليّ الشك. ثم أتيت داري ، فأخرجت الكتاب من قرطاس كما رويته عن أصبغ ، فسررت ، ومضيت إلى سعيد بالكتاب.
فقال : تمضي به إلى أبي محمد.
فمضيت به إلى يحيى بن يحيى ، فأعلمته ولم أدر ما القصّة. فاجتمعنا بالقاضي وقالا : إنّ عبد الملك يخالفنا بالكذب. والمسألة الّتي خالفنا فيها عندك. هنا رجل قد حجّ وأدرك أصبغ ، وروى عنه هذه المسألة ، كقولنا على خلاف ما ادّعاه عبد الملك ، فاردعه وكفّه.
فجمعهم القاضي ثانيا ، وتكلّموا ، فقال عبد الملك : قد أعلمتك ما يقول فيها أصبغ. فبدر عبد الأعلى بن وهب وقال : يكذب على أصبغ ، أنا رويت هذه المسألة عنه على ما قال هذان ، وهذا كتابي.
فأخرج المسألة : فأخذ القاضي الكتاب وقرأ المسألة ، وقال لعبد الملك ما ساءه من القول ، وقال : تفتينا بالكذب والخطأ ، وتخالف أصحابك بالهوى؟ لو لا البقيا عليك لعاقبتك. ثم قاموا.
قال عبد الأعلى : فلمّا خرجت مررت على دار ابن رستم الحاجب ، فرأيت عبد الملك خارجا من عنده وفي وجهه الشّرّ. فقلت : ما لي لا أدخل على ابن رستم؟
فدخلت ، فلم ينتظر جلوسي حتّى قال : يا مسكين من غرّك ، أو من أدخلك في هذا العارض؟ مثل عبد الملك بن حبيب وتكذّبه؟
فقلت : أصلحك الله ، إنّما سألني القاضي عن شيء ، فأجبته بما عندي.