ثم خرجت من عنده. وكان عبد الملك قد شكا إليه ما وقع وقال ، إنّ القاضي أتى برجل ليس من أهل العلم والرواية ، فأجلس معي وكذّبني ، وأوقفني موقفا عجيبا.
فقال له ابن رستم : أكتب بطاقة بالقصّة وارفعها للأمير.
فكتب يصف القصّة ، ويشنّع. فأمر الأمير أن يبعث في القاضي. فبعث فيه ، فخرجت وصيّة الأمير يقول : لك في أمرك أن تشاور عبد الأعلى.
وكان عبد الملك قد بنى بطاقته على أنّ يحيى بن يحيى أمره بذلك. فقال القاضي : ما أمرني أحد بمشاورته ، ولكنّه كان يختلف إليّ ، وكنت أعرفه من أهل الخير والعلم ، مع الحركة والفهم والحجّ والرحلة ، فلم أر نفسي في سعة من ترك مشاورة مثله.
وسأل الأمير وزراءه عن عبد الأعلى ، فأثنوا عليه ووصفوا علمه وولاءه.
وكان له ولاء.
قال عبد الأعلى : فصحبت يوما عيسى بن الشهيد ، فقال لي : قد رفعت عليك بطاقة رديئة لكنّ الله دفع شرّها.
وعن محمد بن وضّاح قال : قال لي إبراهيم بن المنذر : أتاني صاحبكم عبد الملك بن حبيب بغرارة مملوءة كتبا ، فقال لي : هذا علمك تجيزه لي؟
قلت : نعم. ما قرأ عليّ منه حرفا ولا قرأته عليه (١).
وكان محمد بن عمر بن أبان يقول : عبد الملك بن حبيب عالم الأندلس ، ويحيى بن يحيى عاقلها ، وعيسى بن دينار فقيهها (٢).
مات ابن حبيب يوم السبت لأربع مضين من رمضان سنة ثمان (٣) ، وقيل في ذي الحجّة سنة تسع وثلاثين ومائتين.
٢٦٣ ـ عبد الملك بن حبيب (٤).
__________________
(١) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٧٠.
(٢) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٧١.
(٣) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٧٢.
(٤) انظر عن (عبد الملك بن حبيب) في :