قال : فأحيا اللّيل بعد ذلك حتّى مات.
وقال زكريّا بن حرب : كان أخي أحمد ابتدأ في الصّوم وهو في الكتّاب. فلمّا راهق حجّ مع أخيه الحسين ، وأقاما بالكوفة لطلب العلم ، وببغداد والبصرة ، ثم قدم ، فأقبل على العبادة لا يفتر ، وأخذ في المواعظ والذّكر ، وحثّ على العبادة ، وأقبل النّاس على مجلسه ، وألّف كتاب «الأربعين» ، وكتاب «عيال الله» ، وكتاب «الزّهد» وكتاب «الدّعاء». وكتاب «الحكمة» ، وكتاب «المناسك» ، وكتاب «التّكسّب».
ورغب النّاس في سماعها : فلمّا ماتت أمّه سنة عشرين ومائتين عاد إلى الحجّ والغزو ، وخرج إلى التّرك ، وفتح فتحا عظيما ، فحسده عليه أصحاب الرّباط ، وسعوا فيه إلى عبد الله بن طاهر. فأدخل عليه ، فلم يأذن له في الجلوس وقال : تخرج وتجمع إلى نفسك هذا الجمع ، وتخالف أعوان السلطان.
ثم علم ابن طاهر صدقه فتركه ، فخرج إلى مكّة وجاور.
وعن أحمد بن حرب قال : قال ابن المبارك : أربعة ، منها ثلاثة مجاز ، وواحد حقيقة : عمرنا في الدّنيا ، ومكثنا في القبور ، ووقوفنا في الحشر ، ومنصرفنا إلى الأبد ، فهو الحقيقة ، وما قبله مجاز.
وأحمد بن حرب تنحله الكرّاميّة وتخضع له (١) ، لأنّه شيخ ابن كرّام.
وعن يحيى بن يحيى النّيسابوريّ قال : إن لم يكن أحمد بن حرب من الأبدال فلا أدري من هم (٢).
وقال محمد بن الفضل البخاريّ : سمعت نصر بن محمود البلخيّ يقول : قال أحمد بن حرب : عبدت الله خمسين سنة ، فما وجدت حلاوة العبادة حتّى تركت ثلاثة أشياء :
تركت رضى النّاس حتّى قدرت أن أتكلّم بالحقّ.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٤ / ١١٨.
(٢) تاريخ بغداد ٤ / ١١٩.