عليه من أوّلها إلى آخرها ، فيأمر بالتّوقيع عليها ، ويختمها ، فيسرّني ذلك. وجعلت انظر إليه ، ففطن ، ونظر إليّ ، فغضضت عنه ، حتّى كان ذلك منه ومنّي مرارا. فقال لي : يا صالح في نفسك شيء تحبّ أن تقوله؟
قلت : نعم.
فلمّا انفضّ المجلس أدخلت مجلسه فقال : تقول ما دار في نفسك أو أقوله لك؟
فقلت : يا أمير المؤمنين ما ترى.
قال : أقول إنّه قد استحسنت ما رأيت منّا ، فقلت : أيّ خليفة خليفتنا ، إن لم يكن يقول القرآن مخلوق.
فورد على قلبي أمر عظيم ، ثمّ قلت : يا نفس هل تموتين قبل أجلك؟
فقلت : نعم.
فأطرق ثم قال : اسمع منّي ، فو الله لتسمعنّ الحقّ.
فسرّي عنّي وقلت : ومن أولى بالحقّ منك وأنت خليفة ربّ العالمين ، وابن عمّ سيّد المرسلين؟.
قال : ما زلت أقول القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق ، حتّى أقدم شيخا من أذنة فأدخل مقيّدا ، وهو جميل حسن الشّيبة. فرأيت الواثق قد استحيا منه ورقّ له. فما زال يدنيه حتّى قرب منه وجلس ، فقال : ناظر ابن أبي دؤاد.
فقال : يا أمير المؤمنين إنّه يضعف عن المناظرة.
فغضب وقال : أبو عبد الله يضعف عن مناظرتك أنت؟
قال : هوّن عليك ، وائذن لي في مناظرته.
فقال : ما دعوناك إلّا لهذا.
فقال : احفظ عليّ وعليه ، ثم قال : يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه ، هي مقالة واجبة داخلة في عقد الدّين ، فلا يكون الدّين كاملا حتّى يقال فيه بما قلت؟
قال : نعم.
قال : فأخبرني عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين بعثه الله ، هل ستر شيئا ممّا أمر به؟
قال : لا.
قال : فدعا إلى مقالتك هذه؟