فسكت. فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين واحدة.
فقال الواثق : واحدة.
فقال الشيخ : أخبرني عن الله تعالى حين قال : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) أكان الله هو الصّادق في إكمال دينه ، أو أنت الصّادق في نقصانه ، حتّى يقال بمقالتك هذه؟
فسكت.
فقال الشيخ : اثنتان.
قال الواثق : نعم.
وقال : أخبرني عن مقالتك هذه ، أعلمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم جهلها؟
قال : علمها.
قال : فدعا النّاس إليها.
فسكت.
فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين ثلاثة.
قال : نعم.
قال : فاتّسع لرسول الله أن علمها أن يمسك عنها ، ولم يطالب أمّته بها؟
قال : نعم.
قال : واتّسع لأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ذلك؟.
قال : نعم.
فأعرض الشيخ عنه ، وأقبل على الواثق فقال : يا أمير المؤمنين قد قدّمت القول أنّ أحمد يصبو ويضعف عن المناظرة. يا أمير المؤمنين إن لم يتّسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما زعم هذا أنّه اتّسع للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، فلا وسّع الله عليك.
قال الواثق : نعم كذا هو. اقطعوا قيد الشيخ.
فلمّا قطعوه ضرب الشيخ بيده إلى القيد فأخذه ، فقال الواثق : لم أخذته؟
فقال : لأنّي نويت أن أتقدّم إلى من أوصي إليه ، إذا متّ أن يجعله بيني وبين كفني ، حتّى أخاصم به هذا الظّالم عند الله يوم القيامة وأقول : يا رب لم قيّدني وروّع أهلي؟
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٣.