يقول : كنّا في قرية بمصر ، ولم يكن معنا شيء ، ولا ثمّ شيئا نشتريه. فلمّا أصبحنا ، إذا نحن بزنبيل مليء سمك مشويّ ، وليس عنده أحد. فسألوني عنه ، فقلت : اقتسموه فكلوه.
قال يحيى : أظنّ أنّه رزق رزقهم الله.
وسمعت يحيى مرارا يقول : القرآن كلام الله وليس بمخلوق ، والإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص (١).
عبّاس الدّوريّ : سمعت ابن معين يقول : كنت إذا دخلت منزلي باللّيل قرأت آية الكرسيّ على داري وعيالي خمس مرّات ، فبينا أنا أقرأ ، إذا شيء يكلّمني : كم تقرأ هذا ، كأن ليس إنسان يحسن يقرأ غيرك.
فقلت : فأرى هذا يسوءك ، والله لأزيدنّك.
فصرت أقرأها في اللّيلة خمسين ستّين مرّة (٢).
قال عبّاس الدّوريّ : قيل ليحيى بن معين : ما تقول في الرجل يقوّم للرجل حديثه ، يعني ينزع منه اللّحن ،؟
فقال : لا بأس به (٣).
وقال عبّاس : سمعت يحيى يقول : لو لم أكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه (٤).
وقال مجاهد بن موسى : سمعت ابن معين يقول : كتبنا عن الكذّابين وسجرنا به التّنّور ، وأخرجنا خبزا نضيجا (٥).
قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين يقول : ما الدّنيا إلّا كحلم. والله ما ضرّ رجلا اتّقى الله على ما أصبح وأمسى. لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة ، خرجت راجلا من بغداد إلى مكّة ، هذا منذ خمسين سنة كأنّما كان أمس.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١١ / ٨٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ١١ / ٨٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ١١ / ٨٧ ، ٨٨.
(٤) سير أعلام النبلاء ١١ / ٨٨.
(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ١٨٤.