من دمي إلّا ثلاثة : حرملة ، والمزنيّ ، وآخر (١).
وقال الربيع : كان البويطيّ أبدا يحرّك شفتيه بذكر الله (٢). ما أبصرت أحدا أنزع لحجّة من كتاب الله من البويطيّ (٣). ولقد رأيته على بغل في عنقه غلّ ، وفي رجليه قيد. وبين الغلّ والقيد سلسلة حديد ، وهو يقول : إنما خلق الله الخلق بكن. فإذا كانت مخلوقة ، فكأن مخلوقا خلق بمخلوق.
ولئن أدخلت عليه لأصدقنّه ، يعني الواثق (٤) ، ولأموتنّ في حديدي هذا ، حتّى يأتي قوم يعلمون أنّه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم.
وقال الربيع أيضا : كتب إليّ البويطيّ أن أصبر نفسك للغرباء ، وحسّن خلقك لأهل حلقتك ، فإنّي لم أزل أسمع الشافعيّ رحمهالله يكثر أن يتمثّل بهذا البيت :
أهين لهم نفسي لكي يكرمونها |
|
ولن تكرم النّفس الّتي لا تهينها (٥) |
قلت : ولما توفّي الشافعيّ جلس في حلقته بعده أبو يعقوب البويطيّ ، ثمّ إنّه حمل في أيّام المحنة إلى العراق مقيّدا ، فسجن إلى أن مات في سنة إحدى وثلاثين ومائتين في رجب ، رضياللهعنه (٦).
قال أبو عمرو المستملي : حضر نا مجلس محمد بن يحيى الذّهليّ ، فقرأ علينا كتاب البويطيّ إليه ، وإذا فيه : والّذي أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث ، لعلّ الله يخلّصني بدعائهم ، فإنّي والحديد ، وقد عجزت عن أداء الفرائض الطّهارة والصّلاة. فضجّ النّاس بالبكاء والدّعاء له.
ومن محاسن البويطيّ ، قال أبو بكر الأثرم : كنّا في مجلسي البويطيّ ، فقرأ علينا عن الشافعيّ أنّ التيمّم ضربتان. فقلت له : حديث عمّار ، عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّ
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٦٠ ، ٦١.
(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٠.
(٣) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٠.
(٤) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٢.
(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٢.
(٦) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٣.