اللّيث سنة ستّ عشرة ومائتين أنا ، وأبي ، وابن معين ، ومحمد بن نوح ، وأحمد بن حنبل ، في غير مجلس ، نسمع منه تفسير الأشجعيّ ، فكان يقرأ علينا من صحيفة كبيرة. فأوّل ما فطن له أبي أنّه كذّاب ، فقال له أبي : يا أبا إسحاق هذه الصّحيفة كأنّها أصل الأشجعيّ؟.
فقال له : نعم ، كانت له نسختان ، فوهب لي نسخة.
فسكت أبي ، فلمّا خرجنا قال أبي : يا بني ، ذهب عناؤنا إلى هذا الشيخ باطلا. الأشجعيّ كان رجلا فقيرا ، وكان يوصل ، وقد رأيناه وسمعنا منه. من أين كان يمكنه أن تكون له نسختان؟ فلا تقل شيئا ، وسكت.
ولم يزل أمره مستورا حتّى حدّث بحديث أبي الزّبير ، عن جابر في الرؤية ، وأقبل يتبع كلّ حديث فيه رؤية يدّعيه. فأنكر عليه ابن معين لكثرة ما ادّعى.
وحدّث بحديث عون بن مالك : «إنّ الله إذا تكلّم تكلّم بثلاثمائة لسان».
فقال يحيى : هذا الحديث أنكر على نعيم الفارض ، من أين سمع هذا من الوليد بن مسلم؟.
فجاء رجل خراسانيّ فقال : أنا دفعته إلى إبراهيم بن أبي اللّيث في رقعة تلك الجمعة.
فقال ابن معين : لا تسقط حديث رجل برجل واحد.
فلمّا كان بعد قليل حدّث بأحاديث حمّاد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس [عن عمّه أبي رزين] (١) أين كان ربّنا قبل أن يخلق السّماوات والأرض ، وضحك ربّنا». فحدّث بها عن هشيم ، عن يعلى.
فقال يحيى بن معين : إبراهيم بن أبي اللّيث كذّاب ، سرق الحديث (٢).
__________________
(١) ما بين الحاصرتين زيادة من تاريخ بغداد ٦ / ١٩٤.
(٢) تاريخ بغداد ٦ / ١٩٣ ، ١٩٤ ، وتتمّة الخبر : «اذهبوا فقولوا له يخرجها من أصل عتيق ، فهذه أحاديث حمّاد بن سلمة لم يشركه فيها أحد ، ولو حدّث بها عن هشيم عن يعلى بن عطاء ليس فيها خير. قلنا : لعلّ هشيما أن يكون دلّسها كما يدلّس؟ فقال : هشيم أخبرنا يعلى بن عطاء علمنا أنه كذّاب ، وكان يحيى إذا ذكره قال : أبو عراجة ، وكان يجمع.
قال أحمد بن الدورقي : والّذي أظنّ في أمر كتب الأشجعي أن إبراهيم بن أبي الليث خرج إلى مكة مع ولد أحمد بن نصر فمرّ بالكوفة ، ومضى إلى عيال أبي عبيدة بن الأشجعي بعد موته ، =