ولي إمرة بغداد مدّة طويلة ، أكثر من ثلاثين سنة ، وعلى يده أمتحن العلماء بأمر المأمون ، وأكرهوا على القول بخلق القرآن.
وكان خبيرا صارما سائسا حازما وافر العقل ، جوادا ممدّحا ، له مشاركة في العلم.
حكى المسعوديّ (١) في ذكر وفاته قال : حدّث عنه موسى بن صالح بن شيخ ابن عميرة أنّه رأى النبيّ صلىاللهعليهوسلم في النوم يقول له : أطلق القاتل. فارتاع وأمر بإحضار السّنديّ وعيّاش (٢) ، فسألهما : هل عندكما من قتل؟
قال عيّاش (٢) : نعم. وأحضروا رجلا فقال : إن صدقتني أطلقتك.
فابتدأ يحدّثه بخبره ، وذكر أنّه هو وجماعة كانوا يفعلون الفواحش ، فلمّا كان أمس جاءتهم عجوز تختلف إليهم للفساد ، فجاءتهم بصبيّة بارعة الجمال. فلمّا توسّطت الدّار صرخت صرخة وغشي عليها ، فبادرت إليها فأدخلتها بيتا ، وسكّنت روعها ، فقالت : الله الله فيّ يا فتيان ، خدعتني هذه وأخذتني بزعمها إلى عرس ، فهجمت بي عليكم ، وجدّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمّي فاطمة ، فاحفظوهما فيّ.
فخرجت إلى أصحابي فعرّفتهم ، فقالوا : بل قضيت أربك. وبادروا إليها ، فحلت بينهم وبينها ، إلى أن تفاقم الأمر ، ونالتني جراح ، فعمدت إلى أشدّهم في أمرها فقتلته وأخرجتها. فقالت : سترك الله كما سترتني. فدخل الجيران وأخذت. فأطلقه إسحاق.
توفّي لستّ بقيت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين ومائتين. وولي بعده ابنه محمد. ذكره ابن النّجّار في تاريخه.
٥٤ ـ إسحاق بن إبراهيم بن ميمون (٣).
__________________
(١) في مروج الذهب ٤ / ٩٥ ، ٩٦.
(٢) في المروج «عباس» بمفردة.
(٣) انظر عن (إسحاق بن إبراهيم بن ميمون) في :
بغداد لابن طيفور ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١١١ ، ١٦٨ ، ١٧٣ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٩٠ ، والكامل في الأدب للمبرّد ١ / ٣٩٠ ، ٣٩١ ، وطبقات الشعراء لابن المعتزّ ١٢٦ ، ٣١٠ ، ٣١٢ ، ٣٥٩ ـ ٣٦١ ، وتاريخ الطبري ٧ / ٦٥٠ و ٨ / ١٩ ، ٨٥ ، ٨٨ ، ٨٤ ، ٧٩٦ ٩٧ ، ١٧٥ ، ٢١٠ ، =