(١) والمعتمد لنا هاهنا : الطريقة المشهورة (٢) لنا ، التى أنشأناها ، ورتبناها ولم نجدها ، ولا ما يقاربها ، لأحد من المتقدمين ، ولا فضلاء المتأخرين سهلة المدرك ، عسيرة المعرك ، تشهد بصحتها الفطر السليمة ، والأذهان المستقيمة ، وذلك أن يقال : لو فرض بعد لا نهاية له من جميع جهاته فلنا أن نفرض بعدا غير متناه من جهتيه ، وليكن بعد ب ح ، ب د ، ز ج ولنفرض فيه حدا مفروضا معينا ، وليكن ذلك الحد حدّ حدّد له.
وعند ذلك : فما يليه من الجانبين إلى غير النهاية وهما بعد ب د وبعد د ج إما أن يتفاوتا بحيث لو قدر انطباق طرف أحدهما على الآخر من نقطة د لتقاصر الناقص عن الزائد ، أو تساويا. بحيث لا يتقاصر أحدهما عن الآخر بتقدير الانطباق.
فإن كان الأول : فيلزم أن يكون الناقص له طرف ، ونهاية من الجهة التى لا نهاية فيها. وما له طرف ، ونهاية ؛ فلا يكون غير متناه. وقد قيل إنه غير متناه ؛ وذلك محال.
وإن كان الثانى : فلنا أن نفرض حدا آخر بين د وج وليكن حد د فالبعدان الآخران منه إلى الجهتين المختلفتين إلى غير النهاية. إما أن تتفاوتا ، أو تتساويا.
فإن قيل : بالتفاوت : فهو أيضا محال لما سبق.
وإن قيل بالتساوى. فيلزم أن يكون بعد ب د أنقص من بعد د ح ضرورة أنه مهما أضيف إليه من بعد مساو لبعد د ج وهو خلف إذا كان بعد ب د مساويا لبعد أد أن يكون بعد ب د مساويا لبعد ب د ز وهو أيضا محال ؛ إذ الناقص لا يساوى الزائد.
وهذه المحالات إنما لزمت من فرض بعد لا يتناهى ، فالقول به محال (٣).
فإن قيل : هذا استدلال على إبطال أمر ضروري ؛ فلا يسمع ؛ وذلك لأنه لا يتصور فى الذّهن انقطاع البعد حيث ينتهى إلى حدّ ليس وراءه حدّ آخر ولا يقف عليه عقل ؛ بل كل عاقل يجد من نفسه أن ما من حد يفرض الوقوف عنده إلا ووراءه حدّ آخر ، إلى غير النهاية.
__________________
(١) من أول «والمعتمد لنا هاهنا ..... إلى قوله : فالقول به محال» ساقط من ب.
(٢) هذه الطريقة من إنشاء الآمدي وابداعه.
(٣) نهاية السقط الموجود فى ب.