الفصل الثالث : فى تجانس الأجسام (١)
وقد اتفقت الأشاعرة ، وأكثر المعتزلة على أن الأجسام متجانسة ؛ بناء على أصلهم : أن الجسم هو / (٢) الجوهر المؤلف ، أو الجواهر المؤتلفة.
وأن الجواهر متجانسة ، وأن التأليف من حيث هو تأليف غير مختلف ، فالأجسام الحاصلة منها غير مختلفة (٣).
وذهب النظام ، والنجار من (٤) المعتزلة : إلى أن الأجسام مختلفة بناء على أصليهما فى أن الجواهر التى منها تركب الأجسام مختلفة ؛ لتركبها من الأعراض (١١) / / المختلفة ، وقد حققنا كل واحد من الأصلين ونبهنا على ما فيه (٥)
وأما الفلاسفة : فإنهم قالوا : الجسم البسيط المشترك بين جميع الأجسام العلوية ، والسفلية واحد فى الحقيقة ، والنوعية ، لا اختلاف فيه ؛ بناء على أصلهم أن الجسم : هو الّذي يمكن أن نفرض فيه أبعادا ثلاثة متقاطعة ، على حدّ واحد تقاطعا قائما ؛ كما سلف (٦).
وهذا مما تشترك فيه الأجسام العلوية ، والسفلية من غير اختلاف ، وإنما الاختلاف فى أنواعه العلوية ، والسفلية ؛ فإن الأجسام العلوية : وهى أجسام السماوات مخالفة بطبائعها ، وصورها الجوهرية للأجسام العنصرية ، البسيطة التى فى مقعر فلك القمر وهى : النار ، والهواء ، والماء ، والتراب. وكذلك بالعكس.
قالوا : ويدل على ذلك أن أجسام السماوات لا يتصور عليها الكون ، والفساد ، ولا الحركة المستقيمة. بخلاف العناصر ؛ فإنها قابلة لذلك على ما سيأتى تقريره فيما بعد (٧).
ولو كانت متماثلة ؛ لجاز على كل واحد منها ما يجوز على الآخر.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما ورد هاهنا :
انظر الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ١٥٣ وما بعدها. وأصول الدين للبغدادى ص ٥٢ وما بعدها.
والمواقف للإيجي ص ٢٥٢ وشرح المواقف للجرجانى ٧ / ٢٤٠ وما بعدها.
(٢) الجوهر : عرفه الآمدي بقوله : «وأما الجوهر : فعلى أصول الحكماء : ما وجوده لا فى موضوع. والمراد بالموضوع :
المحل المتقوم بذاته المقوم لما يحل فيه» [المبين للآمدى ص ١٠٩].
(٣) راجع ما سبق فى النوع الأول : فى أحكاك الجواهر مطلقا. الفصل الرابع : فى أن الجواهر متجانسة غير متجددة ل ٥ / ب وما بعدها.
(٤) راجع ما فى الفصل الثالث : فى أن الجوهر غير مركب من الأعراض ل ٤ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ١٥ / ب من النسخة ب.
(٥) انظر المصدرين السابقين ٢ ، ٣.
(٦) راجع ما سبق فى الفصل الأول ل ١٨ / أ.
(٧) انظر ما سيأتى فى الفصل السادس ل ٣١ / أوما بعدها.