وكذلك العناصر أيضا مختلفة فى أنواعها ، وصورها الجوهرية ، لا فى الجسمية المشتركة ، ويدل عليه أن العناصر مختلفة الكيفيات ؛ لأن العنصر إما حارّ (١) ، أو بارد (٢).
فإن كان حارا ؛ فإما يابس ، أو رطب (٣). فإن كان يابسا : فهو النار. وإن كان رطبا ؛ فهو الهواء (٤).
وأما إن كان باردا : فإما رطب ، أو يابس : فإن كان رطبا : فهو الماء ، وإن كان يابسا : فهو التراب (٥).
قالوا : وهذا الاختلاف بين العناصر ، لا بدّ وأن يكون لاختلاف طبائعها ، وإلا لما اختلفت كيفياتها. وليست طبائعها التى بها الاختلاف ، عائدة إلى هذه الكيفيات لثلاثة أوجه :
الأول : أنه لو كان كذلك ؛ لكان الماء إذا سخن بالنار يخرج عن طبيعته المائية ، ويصير هواء ؛ لحرارته ، ورطوبته.
وأن الأرض إذا سخنت بالنار ؛ فتخرج عن طبيعة الأرض ، وتصير نار ، لحرارتها ، ويبوستها مع بقاء الأرضية ؛ وهو محال.
الثانى : هو أن الماء إذا سخن بالنار ، وكذا التراب إذا ترك زمانا ، عاد باردا مع / علمنا بانتفاء البرودة الأصلية عنه فى حالة حرارته بالكلية. فلو كانت طبيعته هى الكيفية الزائلة عند وجود الحرارة الحادثة ؛ لما عادت إليه ، لزوال الطبيعة عنه ، فحيث عادت إليه ؛ علم أن الطبيعة التى له ، المقتضية لبرده ورطوبته ؛ غير زائلة.
__________________
(١) عرف الآمدي الحرارة فقال : «وأما الحرارة : فهى ما كان من الكيفيات يفرق بين المختلفات ، ويجمع بين المتشاكلات» (المبين للآمدى ص ٩٩).
(٢) عرف الآمدي البرودة فقال : «وأما البرودة : فما كان من الكيفيات يجمع بين غير المتشاكلات ، ويفرق المتشاكلات» [المبين للآمدى ص ٩٩].
(٣) عرف الآمدي الرطوبة فقال : «وأما الرطوبة : فما كان من الكيفيات مما يسهل قبول الجسم للانحصار والتشكل بشكل غيره ، وكذا تركه. وأما اليبوسة : فمقابلة للرطوبة»
[المبين للآمدى ص ٩٩ ، ١٠٠].
(٤) عرف الآمدي النار والهواء فقال : «وأما النار : فعبارة عن جرم بسيط حارّ يابس.
وأما الهواء : فعبارة عن جرم بسيط حار رطب». [المبين للآمدى ص ٩٩].
(٥) عرف الآمدي الماء والتراب فقال : «وأما الماء : فعبارة عن جرم بسيط بارد رطب. وأما التراب : فعبارة عن جرم بسيط بارد يابس».
[المبين للآمدى ص ٩٩].