الثالث : أن هذه الكيفيات مما تشتد ، وتضعف ، وما قامت به لا يوصف بالشدة ، والضعف. وإذا ثبت أن طبائع العناصر ، غير هذه الكيفيات ، وهذه الكيفيات ؛ فعارضة ، لاحقة بالعناصر ، فيجب أن تكون هذه الطبائع صورا جوهرية ، لا عرضية. فإنه ما من عرض يقدر من الأعراض أنه هو الطبيعة ، إلا ويمكن فرض الاشتراك فيه مع اختلاف الطبيعة ، أو فرض التقارب فيه مع اتحادها.
وأيضا : فإنه لما كان وجود الجسم المطلق غير متصور دون طبيعة تخصصه ، وجب أن تكون تلك الطبيعة صورة جوهرية ، لا عرضية. يتوقف وجود الجسم عليها ، وإلا كان الجوهر يتوقف وجوده على العرض ؛ وهو محال.
فإذن طبائع العناصر التى بها الاختلاف فيما بينها صورا جوهرية ، لا عرضية (١).
قالوا : وكذلك المركبات الكائنة من العناصر : كالنباتية (٢) ، والحيوانية (٣) والمعدنية ، [فمختلفة] (٤) وليس اختلافها بالعوارض. فإنه ما من عرض يقدر إلا ويمكن فرض الاشتراك فيه ، بين هذه الأنواع مع اختلاف طبائعها ؛ فإذن أنواع الأجسام مختلفة ، لا متجانسة.
هذا ما ذكروه : وأما نحن فنقول :
أما قولهم : إن أنواع الأجسام مختلفة ، بالصور الجوهرية. ممنوع. وما المانع أن تكون متحدة بالجسمية ، مختلفة بالأمور العرضية.
قولهم : أجسام السموات ، مخالفة لأجسام العناصر ، الطبيعية الجوهرية.
__________________
(١) قال الشريف الجرجانى فى تعريف الصورة : «الصورة : صورة الشيء هى ما يؤخذ منه عند حذف المشخصات ، ويقال : صورة الشيء : ما به يحصل الشيء بالفعل.
والصورة الجسمية : هى جوهر متصل بسيط لا وجود لمحله دونه ، قابل للأبعاد الثلاثة المدركة من الجسم فى بادئ النظر. أو هى الجوهر الممتد فى الأبعاد كلها ، المدرك فى بادئ النظر بالحس.
والصورة النوعية : هى جوهر بسيط لا يتم وجوده بالفعل دون وجود ما حل فيه» [كتاب التعريفات للجرجانى ص ١٥٤].
(٢) النبات : جسيم مركب له صورة نوعية ، أثرها المتيقن الشامل لأنواعها التنمية والتغذية ، مع حفظ التركيب.
والنبات كمال أول لجسم طبيعى آلى من جهة ما يتولد ويزيد ويغتذى. [التعريفات للجرجانى ص ٢٦٧].
(٣) الحيوان : الجسم النامى الحساس المتحرك. [التعريفات للجرجانى ص ١٠٦].
(٤) ساقط من أ.