أبكار الأفكار في أصول الدّين [ ج ٣ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في أبكار الأفكار في أصول الدّين

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

أبكار الأفكار في أصول الدّين [ ج ٣ ]

كريّا. ولو كان كذلك ؛ لوجب عند تسلمها بقسر قاسر أن يعود شكلها كريّا بتقدير زوال القاسر ؛ وليس الأمر كذلك فى الأرض.

فلئن قالوا : إنما لم يعد الشكل الكريّ ؛ لأنّ اليبس الّذي هو من مقتضى طبع الأرض حافظ لهيئة كل جزء من أجزاء الشكل الّذي اقتضته طبيعة الأرض على حاله ، فلو عاد الشكل الكريّ ؛ لكان على خلاف مقتضى اليبس الّذي هو مقتضى الطبيعة ؛ فيكون على خلاف مقتضى الطبيعة ؛ وهو ممتنع.

فنقول : وكما أن الطبيعة مقتضية لليبس المقتضى لحفظ الأجزاء الشكلية على هيآتها ؛ / فهى أيضا مقتضية للشكل الكريّ ، وليس العمل بأحد الأمرين أولى من الآخر.

وإن سلمنا أن الشكل الطبيعى للبسيط لا يكون إلا كريّا ؛ ولكن لا نسلم أن الأفلاك بسيطة ، ولا العناصر على ما يأتى تحقيقه (١) حتى يلزم أن يكون الشكل الكريّ لها طبيعيا.

قولهم : وما كان منهما مركبا معتدلا ؛ فشكله الطبيعى له مضلع ؛ فهو ممنوع. وما المانع من كونه كريا؟

فلئن قالوا : إلا أن الطبائع المختلفة لا تقتضى إلا المختلف ؛ فهو ممنوع. وما المانع من صدور المتماثلات عن المختلفات (٢).

ولهذا : فلأنه لو كان المركب من عناصر أربعة معتدلة قلنا : بأنه لا يصدر عن طبائعها غير المضلع ، فالمضلع لا بد له من أضلاع ، وزوايا. وقد تكون الأضلاع منه متماثلة ، وقد تكون مختلفة ، وكذلك الزوايا. وبتقدير تماثل الأضلاع ، وتماثل الزوايا ، فأقل ما تكون أضلاع المضلع ثلاثة ، وكذلك زواياه فإن أبسط الأشكال المضلعة ، إنما هو المثلث ، والمختلف منها إنما هو الزوايا مع الأضلاع.

وعند ذلك : فإما أن تكون الأضلاع المتماثلة مقتضى طبيعة واحدة ، وكذلك الزوايا ، أو أن كل ضلع مقتضى طبيعة ، وكل زاوية مقتضى طبيعة.

__________________

(١) انظر ما سيأتى فى الفصل السادس ل ٣١ / أوما بعدها.

(٢) انظر ما سيأتى فى الأصل الثالث : فيما توصف به الجواهر والأعراض. الفصلين الثانى والثالث ل ٦٩ / ب وما بعدها.