كريّا. ولو كان كذلك ؛ لوجب عند تسلمها بقسر قاسر أن يعود شكلها كريّا بتقدير زوال القاسر ؛ وليس الأمر كذلك فى الأرض.
فلئن قالوا : إنما لم يعد الشكل الكريّ ؛ لأنّ اليبس الّذي هو من مقتضى طبع الأرض حافظ لهيئة كل جزء من أجزاء الشكل الّذي اقتضته طبيعة الأرض على حاله ، فلو عاد الشكل الكريّ ؛ لكان على خلاف مقتضى اليبس الّذي هو مقتضى الطبيعة ؛ فيكون على خلاف مقتضى الطبيعة ؛ وهو ممتنع.
فنقول : وكما أن الطبيعة مقتضية لليبس المقتضى لحفظ الأجزاء الشكلية على هيآتها ؛ / فهى أيضا مقتضية للشكل الكريّ ، وليس العمل بأحد الأمرين أولى من الآخر.
وإن سلمنا أن الشكل الطبيعى للبسيط لا يكون إلا كريّا ؛ ولكن لا نسلم أن الأفلاك بسيطة ، ولا العناصر على ما يأتى تحقيقه (١) حتى يلزم أن يكون الشكل الكريّ لها طبيعيا.
قولهم : وما كان منهما مركبا معتدلا ؛ فشكله الطبيعى له مضلع ؛ فهو ممنوع. وما المانع من كونه كريا؟
فلئن قالوا : إلا أن الطبائع المختلفة لا تقتضى إلا المختلف ؛ فهو ممنوع. وما المانع من صدور المتماثلات عن المختلفات (٢).
ولهذا : فلأنه لو كان المركب من عناصر أربعة معتدلة قلنا : بأنه لا يصدر عن طبائعها غير المضلع ، فالمضلع لا بد له من أضلاع ، وزوايا. وقد تكون الأضلاع منه متماثلة ، وقد تكون مختلفة ، وكذلك الزوايا. وبتقدير تماثل الأضلاع ، وتماثل الزوايا ، فأقل ما تكون أضلاع المضلع ثلاثة ، وكذلك زواياه فإن أبسط الأشكال المضلعة ، إنما هو المثلث ، والمختلف منها إنما هو الزوايا مع الأضلاع.
وعند ذلك : فإما أن تكون الأضلاع المتماثلة مقتضى طبيعة واحدة ، وكذلك الزوايا ، أو أن كل ضلع مقتضى طبيعة ، وكل زاوية مقتضى طبيعة.
__________________
(١) انظر ما سيأتى فى الفصل السادس ل ٣١ / أوما بعدها.
(٢) انظر ما سيأتى فى الأصل الثالث : فيما توصف به الجواهر والأعراض. الفصلين الثانى والثالث ل ٦٩ / ب وما بعدها.