الفصل الخامس
فى إبطال قول الفلاسفة أنه ما من جسم
إلا وفيه مبدأ حركة طبيعية ، ومناقضتهم فى ذلك.
فنقول : قالت : الفلاسفة أنه لا بد لكل جسم من حيز طبيعى بناء على أصلهم المتقدم (١).
وعند ذلك : فإما أن يصح عليه الانتقال عنه قسرا ، أو لا يصح.
فإن صحّ : فلا بد وأن تكون فيه قوة معدة لطلب ذلك الحيّز ، والعود إليه ، وإلا لما كان طبيعيا له. وتلك القوة لا بد وأن تكون زائدة على نفس الجسم ، وإلا لاشتركت جميع الأجسام فى اقتضاء ذلك الحيز لذواتها.
قالوا : وبتقدير أن تكون بعض الأجسام فى حيزه الطبيعى ، وليس فيه مبدأ ميل إليه ؛ فالميل مشاهد محس فى بعض الأجسام ، وهو ما يحس به من مقاومة بعض الاجسام ، ومدافعته عند إرادة تحريكه إلى خلاف جهة حيّزه الطبيعى ، وعلى قدر الزيادة فى الممانعة والنقصان ، يجب أن تكون الزيادة ، والنقصان فى قوة الميل واحدة.
وعند ذلك فلنا أن نحرّكها بحركة قسرية مستوية فى مسافة واحدة إلى منتهى معين ، مخالف لجهة حيّزها.
ويلزم من ذلك أن يكون / قطع ذى الميل للمسافة فى زمن أطول من زمن ما لا ميل له لوجود المعاوق فيه ، وعدمه فى الآخر ، وبتقدير أن كون ما له الميل قد قطع المسافة فى يوم وما لا ميل له ، قد قطعها فى نصف يوم فلنا (١١) / / أن نفرض ذا ميل آخر ، قوة الميل فيه على النصف من ذى الميل الأول تحرك فى تلك المسافة بمثل الحركتين السابقتين.
ويلزم من ذلك أن يقطع المسافة فى نصف الزمان الّذي قطعها ذو الميل الأقوى ؛ لأن المعاوق فيه على النصف من المعاوق فى ذى الميل الأقوى ، ويلزم من ذلك أن يكون ما له الميل الأضعف قد قطع المسافة فى مثل زمان ما لا ميل له ، ومحال أن يساوى ما لا ميل له ، ما له ميل.
__________________
(١) راجع ما مر ل ١٧ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ١٨ / أمن النسخة ب.