الفصل السادس
فى إبطال ما قيل إن الأفلاك غير قابلة للحركة المستقيمة والفساد.
وأنها ليست ثقيلة ، ولا خفيفة ، ولا حارة ، ولا باردة ، ولا رطبة ،
ولا يابسة. وأنها بسيطة ، كرّيّة ، لا تقبل الخرق والشق (١).
نقول : زعمت الفلاسفة أن كل جسم متناه فله نهايات ، ونهاياته هى الجهات المحددة له. وهى مختلفة نوعا لفوق ، وأسفل ، وخلف ، وقدام ، ويمن ، ويسار.
غير أن الحقيقى / فيها الّذي لا يختلف إنما هى جهة فوق ، وهى ما تلى جهة المحيط بالعالم. وجهة أسفل : وهى ما تلى جهة المركز منه وما عدا ذلك من الجهات فمختلف باختلاف وضع الجسم بحيث يصير ما كان يمينا يسارا ، وبالعكس.
وكذلك فى جهة خلف ، وقدّام. وهذه (١١) / / الجهات فواقعة فى امتداد الإشارة إليها ؛ فلا تكون عدمية ، ولا معقولة مخفية ؛ فهى إذن وجودية ولا بد وأن يكون المحدد لها جسما ، وإلا لتعذّرت الإشارة إليها وإذا كان المحدّد للجهات جسما ، فيمتنع أن يكون متشابها. وإلا لما كانت الجهات المتحددة به متقابلة ، وهى متقابلة ، وتقابلها إنما هو بسبب النسبة إلى المحيط والمركز.
فإذن المحيط بالعالم المحدد لجهة فوق جسم ممتنع عليه الحركة المستقيمة لأن حيزه وإن كان طبيعيا له ؛ فلا بد وأن يطلبه بطبعه بتقدير زواله عنه. قسرا ، وذلك يستدعى أن يكون حيّزه إما غير متحدّد ، أو متحدّدا دونه.
وقد قيل : إنه متحدد بدونه ؛ وهو محال. وإن لم يكن حيزه طبيعيا له ، أمكن أن لا يكون فيه ؛ فلا تكون الجهة المفروضة متحدّدة ، أو متحددة بغيره ؛ وهو خلاف الفرض.
__________________
(١) انظر المواقف للإيجي ص ٢٠٠ وما بعدها القسم الأول : فى الأفلاك. وشرح المواقف للجرجانى ٧ / ٧٨ ـ ١٤٠ القسم الأول : فى الأفلاك وفيه مقاصد ستة : ففيهما معلومات مهمة وتوضيحات لا يستغنى عنها.
والقسم الثانى : فى الكواكب المضيئة.
وانظر شرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٣٢٧ ـ ٣٥٨ القسم الأول : فى البسائط الفلكية. وفيه مباحث أربعة.
وانظر شرح مطالع الأنظار للأصفهانى ص ١٢٨ ـ ١٣٣.
(١١)/ / أول ل ١٨ / ب من النسخة ب.