والبخار هواء عند تسخينه. وقد ينعقد الماء حجرا ، وتصير النّار هواء عند تصاعدها. وإلا لأحرقت ما لاقاها ، ولا يكون ذلك لها سيرا يسيرا ؛ بل دفعة واحدة ؛ لكون صورها جواهر. وأن الجواهر غير قابلة للشدة والضعف ؛ إذ لا جوهر أشد فى جوهريته من جوهر آخر ، ولا أضعف.
وأما الطرف الثانى : وهو الاستحالة فقد احتجوا عليه بما نشاهده من تبدل الكيفيات الملموسة على العناصر : كتبدل برد الماء بالحرارة ، وليس ذلك لمخالطة أجزاء نارية له ؛ لما سبق.
ثم لو كان كذلك ؛ لكان تسخين الماء فى أوانى الحديد والنحاس ، أبطأ ؛ لقوة ممانعتهما الناشئ فيهما ؛ وللزم منه أن لا تحدث الحرارة بسبب الحركة ؛ لعدم النارية.
قالوا : وليس ذلك مما يقع دفعة واحدة ؛ بل سيرا يسيرا على ما شهد به الحس ، وذلك هو الاستحالة.
فطريق الرد عليهم فى الكون ، والفساد ما ذكرناه أولا فى الرد على القائلين بالكون والفساد دون الاستحالة.
وما ذكروه من انعقاد الهواء مطرا ؛ فلا نسلم أنه كون وفساد ؛ بل الرب ـ تعالى ـ يخلق المطر مع بقاء الهواء بحاله ، أو مع أعلام له.
وإن سلم انعقاد الهواء مطرا ؛ فلا نسلم أنه كون وفساد ؛ بل زوال عرض ، وحدوث عرض. والجواهر الهوائية ، والمائية بحالها كما بينّاه من قبل.
وعلى هذا : فقد خرج الجواب عن جميع ما ذكروه من جميع الاستشهادات.