الفصل الثانى / عشر
فيما قيل فى وحدة الأرض وسكونها
ومناقضات الفلاسفة فى ذلك (١)
وقد اختلف قدماء الحكماء
فمنهم من قال : الأرضون متعدّدة ، وأنها لا تزال متحركة ، لكن منهم من قال : إنها متحركة أبدا كيف اتفق حتى أنهم قالوا : ما يحدث من الخسوفات والكسوفات ؛ إنما هو بسبب توسط بعض تلك الأرضين بيننا وبين ذلك النير.
ومنهم من قال : إنها لا تزال متحركة فى الهبوط الى غير النهاية.
ومنهم من قال : إنها لا تزال متحركة حركة وضعية دائرة على مركز نفسها.
وزعموا أن ما نراه من شروق الكواكب ، وغروبها. إنما هو بسبب حركة الأرض دورا ، وإلا فالأفلاك وكواكبها ساكنة غير متحركة عندهم.
ومنهم من قال بوجوب اتحاد الأرض ، وسكونها وهذا هو المذهب المشهور ، وعليه اعتماد فضلاء الفلاسفة ، وخواصهم. وقد استدلوا على امتناع التعدد فى الأرض بأن
قالوا : لو تعددت الأرضون ؛ لم تخل : إما أن تكون مختلفة الطبيعة ، أو متحدة.
فإن كان الأول : فالاشتراك ليس فى غير اسم الأرض ؛ لا فى معنى الأرض.
وإن كان الثانى : فلا بد لكل واحدة من حيّز طبيعى لها ، فإن كان الحيز الطبيعى لكل واحدة ما هى فيه ، فيجب أن يكون حيّز كل واحدة حيّز الكل ضرورة اتحاد الطبيعة ، وذلك محال. وإلا كانت الطبيعة الواحدة لها أحياز طبيعية ؛ وهو ممتنع.
وإن كان حيّز الكل واحدا لا تعدد فيه ؛ فمدافعة ما ليس فيه عنه لا يكون إلا قسرا.
وليس بعض الأراضى قاسرا للبعض ؛ إذ لا أولية لاتحاد الطبيعة وما عدا الأرض من العناصر لا يقوى على دفع الأرض (١١) / / وقسرها عن حيزها ؛ إذ هو أخف منها.
وإذا بطل لازم التعدد ؛ بطل التعدد
__________________
(١) انظر المواقف للإيجي ص ٢٥٦ وشرحها للجرجانى ٧ / ٢٥٠ ، ٢٥١.
(١١)/ / أول ل ٢١ / أ.