الفرع الثانى
فى استحالة قيام العرض بنفسه (١)
وقد اتفق جمهور العقلاء القائلين بوجود الأعراض على استحالة قيام العرض بنفسه ؛ خلافا لشذوذ لا يعبأ بهم.
وقد اعتمد بعض الأصحاب (٢) فى ذلك على مسلك ضعيف وهو أن قالوا (٢) :
لو قام العرض بنفسه ؛ لقبل العرض.
وبيان الملازمة : هو أن الجوهر قابل للأعراض. والمصحح قابلا لها إنما هو قيامه بنفسه ؛ فإنا إذا سبرنا أوصاف الجوهر ؛ لم نجد منها ما يقتضي ذلك غير القيام (١١) / / بالنفس ، ويلزم من ذلك أن كل ما كان قائما بنفسه أن يكون قابلا للعرض ؛ ضرورة وجود مصحح للقبول فى حقه. فلو كان العرض قائما بنفسه ؛ لكان قابلا للعرض ؛ وقبول العرض للعرض محال ؛ كما يأتى تقريره عن قرب (٣).
وهذا المحال إنما لزم / من قيام العرض بنفسه ؛ فيكون محالا.
ولقائل أن يقول : من قال بأن الأعراض تقوم بأنفسها ؛ لا يسلم قبول الجواهر لها ـ فإن قبول الجوهر للعرض فرع امتناع قيام العرض بنفسه ، فإذن قد توقف امتناع قيام العرض بنفسه على كون الجوهر قابلا للعرض ، وقبول الجوهر للعرض ، فرع امتناع قيام العرض بنفسه ؛ فيكون دورا.
وإن سلمنا قبول الجوهر للعرض ؛ فلا نسلم أن المصحح لذلك قيامه بنفسه ، والبحث والسبر وإن كان مغلبا على الظن ؛ فغير يقينى على ما سبق (٤).
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالنسبة لهذا الفرع راجع ما يلى :
الشامل لإمام الحرمين الجوينى ص ٢٠٣ وما بعدها فصل : فى إثبات استحالة قيام العرض بنفسه. وأصول الدين للبغدادى ص ٣٦ وما بعدها.
والمواقف للإيجي ص ١٠٠ ، وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ٢٨.
وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٥. وشرح مطالع الأنظار للأصفهانى ص ٧١ وما بعدها.
(٢) (فى ذلك على مسلك ضعيف وهو أن قالوا :) ساقط من ب.
(١١)/ / أول ل ٢٢ / ب من النسخة ب.
(٣) انظر ما سيأتى فى بقية هذا الفرع.
(٤) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الثالثة ـ الباب الثانى : فى الدليل ـ الفصل السابع ـ الدليل الثالث : ل ٣٩ / ب.