الفرع الثالث
فى امتناع قيام العرض
بالعرض (١)
أجمع أكثر العقلاء على امتناع قيام العرض بالعرض ؛ خلافا للفلاسفة.
فإنهم قالوا به ، وزعموا أن سطح الجسم عرض ، وتقوم به الخشونة والملاسة ؛ وهما عرضان.
وكذلك الحركة عرض ، وتقوم بها السرعة ، والبطء ؛ إذ هما صفة الحركة ؛ وهما عرضان.
وقد أحتج الأصحاب بمسالك.
الأول : أنهم قالوا : لو جاز قيام العرض بالعرض ؛ لجاز قيام العلم بالعلم ؛ لكونه عرضا. وقيام العلم بالعلم ، محال ؛ لثلاثة أوجه :
الأول : أنه لو قام العلم بالعلم ؛ لجاز أن يقوم به جهل ؛ لأن سبيل قيام أحدهما به ، كسبيل قيام الآخر به. وما يقبل العلم والجهل ، لا يخلو من أحدهما ، كما سبق بيانه فى امتناع تعرّي الجواهر عن الأعراض (٢) (١١) / / ثم الكلام فى العلم القائم بالعلم ؛ كالكلام فى العلم الأول ، ويلزم منه التسلسل ، ووجود حوادث لا نهاية لها ؛ وهو محال.
الوجه الثانى : أنه لو قام العلم بالعلم ؛ فقد وجد كل واحد منهما بحيث وجود الآخر ، وليس أحدهما بأن يكون محلا للآخر ، والآخر حالا فيه ، أولى من العكس ؛ لتساويهما فى صفات النفس بخلاف قيامه بالجوهر.
الثالث : أنه لو قام أحدهما بالآخر ، لكان كل واحد منهما بحيث الآخر وعند ذلك. فإما أن يكون كل واحد منهما عالما بالثانى.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة ارجع إلى ما يلى : الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين ص ١٩٧ فصل : فى إثبات استحالة قيام العرض بالعرض. وانظر المواقف للإيجي ص ١٠٠ ، ١٠١ وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ٣٣ ـ ٣٨ وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٢١ ـ ٢٣.
(٢) راجع ما مر فى النوع الأول ـ الفصل السابع : فى امتناع تعرى الجوهر عن الأعراض ، وتعليل قبوله بها. ل ٨ / ب وما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٢٣ / أ.