الفرع الرابع
فى تجدد الأعراض ، واستحالة بقائها (١)
وإبطال القول بالكمون والظهور ، وإحالة انتقالها
مذهب أهل الحق من الأشاعرة : أن الأعراض جملتها غير باقية ؛ بل هى على التقضى ، والتجدد وأن الله ـ تعالى ـ قادر على خلق كل واحد من آحادها فى أى وقت شاء من غير تخصيص بوقت دون وقت ، وأن ما خلقه منها فى وقت كان يمكن خلقه بعد ذلك (١١) / / الوقت ، أو قبله. ووافقهم على ذلك النظام ، والكعبى من المعتزلة.
وأما الفلاسفة : فإنهم قالوا : ببقاء جميع الأعراض بدون الأزمنة ، والحركات.
وذهب الجبائى (٢) ، وابنه ، وأبو الهذيل (٣) : إلى بقاء الألوان ، والطعوم والروائح دون العلوم ، والإرادات ، والأصوات ، وأنواع الكلام. ولهم فى الحركات والسكون ، خلاف كما سنشرحه فى الأكوان (٤).
وزعموا أن ما لا يبقى من الأعراض ؛ لا بد وأن يكون وجوده مختصا بالوقت الّذي وجد فيه ، ولا يسوغ فى العقل تجويز خلقه بعد ذلك الوقت ، ولا قبله.
وقد احتج الأصحاب بمسالك.
الأول : أنهم قالوا لو بقيت الأعراض ؛ لبقيت ببقاء ، والبقاء عرض ويلزم من ذلك قيام العرض بالعرض ؛ وهو ممتنع كما سبق (٥) وهو ضعيف ؛ لما سبق من بيان كون الباقى باقيا بنفسه من غير بقاء يقوم به.
__________________
(١) راجع فى هذا المبحث مقالات الإسلاميين للإمام الأشعرى ٢ / ٤٦ ـ ٥١. فقد ذكر آراء العلماء بالتفصيل فى هذا الموضوع. وانظر الشامل للجوينى ص ١٨٦ وما بعدها. وانظر أصول الدين للبغدادى ص ٥٠ ـ ٥٢ والمواقف للإيجي ص ١٠١ وشرح المواقف ٥ / ٣٨ وما بعدها وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٢٣ وما بعدها. وشرح مطالع الأنظار للأصفهانى ص ٧٣.
(١١)/ / أول ل ٢٣ / ب.
(٢) راجع رأى الجبائى فى مقالات الإسلاميين ٢ / ٤٧.
(٣) راجع رأى أبى الهذيل فى مقالات الإسلاميين ٢ / ٤٧.
(٤) انظر ما سيأتى فى الفرع الخامس : فى الأكوان وما يتعلق بها. ل ٤٨ / أوما بعدها.
(٥) راجع ما مر فى الفرع الثالث : فى استحالة قيام العرض بالعرض.
وانظر ما مر فى الجزء الأول : فى صفة البقاء ل ١١٨ / أوما بعدها.