المسلك الثانى : أنهم قالوا اتفق المحصلون على أن الجوهر إذا قام به بياض أن الرب ـ تعالى ـ قادر على خلق مثله فيه فى الحالة الثانية من وجوده.
فلو بقى الأول لاستحال اتحاد مثله ؛ لاستحالة اجتماع المثلين فى محل واحد كما يأتى (١) ؛ وهو ضعيف أيضا.
إذ لقائل أن يقول : الرب ـ تعالى ـ قادر على خلق مثله فى الحالة الثانية من وجوده بتقدير عدمه ، أو لا بتقدير عدمه. الأول مسلم ، والثانى : محال على زعمهم امتناع / اجتماع المثلين.
ولا يلزم من جواز عدمه فى الحالة الثانية من وجوده ؛ امتناع بقائه بدليل الجوهر فإنه باق بموافقة منكم وإن جاز عليه العدم [فى الحالة الثانية من وجوده] (٢).
المسلك الثالث : قالوا وقع الاتفاق منا ، ومن المعتزلة على امتناع بقاء الأصوات والإرادات ، فنقيس محل النزاع على محل الاجتماع بواسطة السبر ، والتقسيم.
وأنه ما من وجه [يمكن] (٣) أن يدل به فى محل الاجتماع على امتناع البقاء إلا وهو مطرد فى باقى الأعراض ؛ وهو ضعيف أيضا.
فإن حاصله راجع إلى التمثيل والجمع من الأصل والفرع ، بواسطة السبر والتقسيم ، وقد أبطلناه فيما تقدم (٤).
وربما أورد أبو هاشم فى معرض الفرق ما ليس بفارق. وذلك أن قال : إنما استحال بقاء الصوت ؛ لأن استماع الصوت مع بقائه لازم ، وسماع الصوت ، بتقدير سكوت الصوت ممتنع.
وأما الإرادة : فإنما استحال بقاؤها ؛ لأنها لو بقيت ؛ لبقيت مع حصول المراد.
ويلزم من ذلك أن تكون إرادة لا مراد لها ، وهو ممتنع.
__________________
(١) انظر ما سيأتى فى هذا الجزء الأصل الثالث فيما توصف به الجواهر والأعراض ـ الفصل الثانى : فى تحقيق معنى التماثل والمثلين ل ٧٢ / ب وما بعدها.
(٢) ساقط من أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الثالثة ـ الباب الثانى ـ الفصل السابع : فيما ظن أنه من الأدلة المفيدة لليقين وليس منها ـ الدليل الثالث : ل ٣٩ / ب.