وإذا جاز وجود مثله فى الوقت الثانى ، فما المانع من وجوده هو فى الوقت الثانى ، مع أن ما ثبت لأحد المثلين ، جاز ثبوته للمثل الآخر.
والجواب : أما الوجه الأول : وإن عظّمه من عظمه من الأئمة ، فالسؤال الوارد عليه صعب جدا ؛ ولم أجده لأحد غيرى.
وأقصى ما يمكن أن يقال فى جوابه : أنه إذا كان عدم العرض مستندا إلى وجود الضّد ؛ فهو أثر له ، وأثر الشيء ، يجب أن يكون مرتبا على وجود ذلك الشيء ؛ والمرتب على وجود الشيء يجب أن يكون متأخرا عن وجود ذلك الشيء ، لا أن يكون معه. وإلا فليس / جعل أحد المعنيين أثرا للآخر أولى من العكس ؛ وذلك معلوم بالضرورة.
قولهم : ما المانع أن يكون الطارئ أقوى من السابق.
قلنا : لأن التمانع بين الضدين إنما كان بسبب تضادهما. ولو لا ذلك لما امتنع الجمع بينهما [لا لسبب أن كل واحد علة لعدم الآخر (١)] والتضاد المتحقق بين شيئين يمتنع أن يكون بينهما على التفاوت ؛ بل مضادة أحد الضدين للآخر ، كمضادة الآخر له ؛ وهو معلوم ضرورة.
وما ذكروه فى لزوم الترجيح فأمر لو استعمل فى الظنيات كان ضعيفا مع أنه معارض بإمكان كون الباقى أقوى ؛ لعدم افتقاره فى حالة بقائه إلى المؤثر ، ومشابهته بالقديم فى ذلك ؛ بخلاف الحادث فى أول زمان حدوثه.
فلئن قالوا : وإن امتنع أن يكون أحد الضّدين أقوى من الضّد الآخر ، فما المانع من أن يكون اجتماع سوادين مثلا أقوى من بياض واحد. ويكون المانع من بقاء البياض السابق مجموع السوادين ، كما قاله بعض المعتزلة.
قلنا : هذا ممتنع لثلاثة أوجه : ـ
الأول : أنه إنما يصح أن لو أمكن اجتماع السوادين مع تماثلهما ؛ وهو ممنوع كما سيأتى (٢).
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) انظر ما سيأتى فى هذا الجزء ـ الأصل الثالث ـ الفصل السادس : فى أن كل عرضين متماثلين فهما ضدان.
ل ٧٩ / أوما بعدها.