ولم قالوا : بأنه إذا جاز أن يخلق الله ـ تعالى من وجود البياض مثله أمكن استمرار وجود البياض (١١) / / الأول إلى ذلك الزمان. وما المانع أن يكون العرض لذاته يمتنع بقاؤه ، وإن لم يمتنع حدوثه.
كيف وأن ما ذكروه منتقض بالإجماع منا ، ومنهم ومن كل محصل بالأصوات ، والإرادات.
وإن جاز أن يخلق الله ـ تعالى ـ فى الزمن الثانى من وجود الصوت (١) صوتا مماثلا له ، وكذلك فى الإرادة (٢).
ومع ذلك ما لزم منه جواز بقاء الصوت ، والإرادة.
وإذا ثبت امتناع بقاء الأعراض ؛ فيمتنع القول بكمونها تارة ، وظهورها أخرى (٣).
أما أولا : فلأن المفهوم من الكمون ليس غير الاستتار والتغطى ، فإن أريد ذلك ؛ فلا يخفى أنه غير متصوّر فى الأعراض القائمة بالجواهر الفردة ؛ لعدم تجريها على ما سبق / وإن أريد غير ذلك ؛ فلا بد من تصويره ، والدلالة عليه.
وأما ثانيا : فلأن العرض الظاهر :
إما أن يكون هو عين ما كان كامنا ، أو غيره
فإن كان الأول : فلا يخفى أن حالة كمونه ؛ مغايرة لحالة ظهوره ويلزم من ذلك بقاء العرض ؛ وهو ممتنع على ما تقدم (٤).
وإن كان غيره : فالظاهر غير الكامن ؛ والكامن غير الظاهر.
وأما ثالثا : فهو أن القول بكمون أحد الضّدين ، وظهور الآخر بتقدير قيامهما بالجوهر الواحد ، يوجب قيام الضدين بالمحل الواحد.
__________________
(١١)/ / أول ل ٢٥ / أ. من النسخة ب.
(١) الصوت : كيفية قائمة بالهواء يحملها إلى الصماخ [التعريفات ص ١٥٤].
(٢) وأما الإرادة : فعبارة عن معنى يوجب تخصيص الحادث بزمان دون زمان. (المبين ص ١٢٠).
(٣) يمتنع القول بكمون الأعراض وظهورها من باب أولى ؛ لأن بقاء الأعراض مستحيل. والقول بالكمون والظهور قال به النظام من المعتزلة. وقد أخذ هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة ، وأكثر ميله أبدا إلى تقرير مذاهب الطبيعيين منهم ، دون الإلهيين. (الملل والنحل للشهرستانى ١ / ٥٦).
(٤) راجع ما سبق فى الفرع الرابع : فى تجدد الأعراض واستحالة بقائها ل ٤٤ / ب وما بعدها.