الفصل الثالث
فى تحقيق معنى المكان (١)
وقد اختلف الناس فيه :
فمنهم من قال : هو ما يستقر / الشيء عليه : كمقعد الإنسان من الأرض وموضوع قيامه ، واضطجاعه.
وأما الفلاسفة فمختلفون :
فقال أفلاطون (٢) : مكان الجسم هيولاه. فإن المكان ما كان قابلا لتعاقب الأجسام عليه. وأول قابل للتعاقب ليس غير الهيولى (٣).
ومنهم من قال : مكان الجسم صورته (٤) ؛ إذ المكان حاو للمتمكن ، والصورة فأول حاو ومتجدد.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة إلى ما أورده الآمدي هاهنا :
انظر مقالات الإسلاميين للأشعرى ٢ / ١٣٠. والملل والنحل للشهرستانى ٢ / ٢٠٦ وما بعدها.
والمواقف للإيجي ص ١١٣ ـ ١٢٠ المقصد التاسع : فى المكان.
وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ١١٥ وما بعدها.
وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٥٢ ـ ٦٤ المبحث الثالث : فى المكان.
وشرح مطالع الأنظار للأصفهانى ص ٨١ ـ ٨٥ المبحث الخامس : فى المكان.
(٢) أفلاطون : ولد (أفلاطون) فى أثينا ، أو فى (إيجين) فى سنة ٤٢٨ قبل المسيح عليهالسلام. واسم أبيه أرسطن بن أرطوقيس.
وهو من أسرة عريقة : فنسبه من جهة أبيه يتصل ب (كودروس) آخر ملوك أثينا ، ومن جهة أمه يرجع إلى (سولون) أحد الحكماء السبعة. ولما بلغ العشرين من عمره تتلمذ على يد (سقراط).
ومن أشهر تلاميذه : المعلم الأول (أرسطو).
وله ما يقرب من خمسة وعشرين مؤلفا : من أشهرها : الجمهورية. وتقع من عشرة أجزاء. والسياسة ، ومحاوراته وتوفى سنة ٣٢٧ قبل الميلاد.
(راجع : إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطى ص ١٧ ، وطبقات الأطباء ص ٢٥ ، والفلسفة الإغريقية للدكتور محمد غلاب ص ١٨٦ وما بعدها).
(٣) الهيولى : لفظ يونانى بمعنى الأصل والمادة. وفى الاصطلاح هى جوهر فى الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال محل للصورتين الجسمية والنوعية. [التعريفات للجرجانى ص ٢٨٧].
(٤) الصورة : صورة الشيء هى ما يؤخذ منه عند حذف المشخصات ، ويقال صورة الشيء ما به يحصل الشيء بالفعل.
والصورة الجسمية : هى جوهر متصل بسيط لا وجود لمحله دونه ، قابل للأبعاد الثلاثة المدركة من الجسم فى بادئ النظر ، أو هى الجوهر الممتد فى الأبعاد كلها ، المدرك فى بادئ النظر بالحس.
والصورة النوعية : هى جوهر بسيط لا يتم وجوده بالفعل دون وجود ما حل فيه [التعريفات للجرجانى ص ١٥٤].